أيديهم، وأيم الذي (1) نفس علي بيده أن كان الرجل الواحد منهم ليأكل مثل ما قدمت لجميعهم، ثم قال: اسق القوم، فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا (2)، وأيم الله أن كان الرجل الواحد منهم يشرب مثله، فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكلمهم بدرهم (3) أبو لهب إلى الكلام فقال: لهد ما سحركم صاحبكم! فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي (صلى الله عليه وآله) فقال الغد: يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فأعد لنا من الطعام مثل ما صنعت ثم اجمعهم لي، ففعلت ثم جمعتهم له، ثم دعا بالطعام فقربته لهم (4)، ففعل كما فعل بالأمس، وأكلوا حتى ما لهم بشئ من حاجة، ثم قال: أسقهم، فأتيتهم بذلك العس فشربوا حتى رووا منه جميعا، ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تبارك وتعالى أن أدعوكم، فأيكم يؤازرني على أمري على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟
فأحجم القوم عنها (5) جميعا، قال: قلت - وإني لأحدثهم سنا وأرمضهم (6) عينا وأعظمهم بطنا وأحمشهم ساقا (7) - قلت: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثم قال: هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لعلي وتطيع (8).
بيان: قال الجزري: فيه (إن أبا لهب قال: لهد ما سحركم صاحبكم!) لهد كلمة يتعجب بها، يقال: لهد الرجل! أي ما أجلده! ويقال: إنه لهد الرجل! أي