فأمر الله الملائكة أن تسلم عليه ففعلت، فرد (عليهم السلام)، ورأيت الملائكة يتباشرون به، وما مررت بملائكة من ملائكة السماء إلا هنؤوني وقالوا لي: يا محمد والذي بعثك بالحق لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف الله عز وجل لك ابن عمك، ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم إلى الأرض، فقلت: يا جبرئيل لم نكس حملة العرش رؤوسهم؟
فقال: يا محمد ما من ملك من الملائكة إلا وقد نظر إلى وجه علي بن أبي طالب استبشارا به ما خلا حملة العرش، فإنهم استأذنوا الله عز وجل في هذه الساعة فأذن لهم أن ينظروا إلى علي بن أبي طالب فنظروا إليه، فلما هبطت جعلت اخبره بذلك وهو يخبرني به، فعلمت أني لم أطأ موطئا إلا وقد كشف لعلي عنه حتى نظر إليه.
قال ابن عباس: قلت يا رسول الله: أوصني، فقال: عليك بمودة علي بن أبي طالب والذي بعثني بالحق نبيا لا يقبل الله من عبد حسنة حتى يسأله عن حب علي بن أبي طالب - وهو تعالى أعلم - فإن جاءه بولايته قبل عمله على ما كان منه، وإن لم يأت بولايته لم يسأله عن شئ ثم أمر به إلى النار، يا ابن عباس والذي بعثني بالحق نبيا إن النار لأشد غضبا على مبغض علي منها على من زعم أن لله ولدا، يا ابن عباس لو أن الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين اجتمعوا على (1) بغضه - ولن يفعلوا - لعذبهم الله بالنار، قلت: يا رسول الله وهل يبغضه أحد؟ قال: يا ابن عباس نعم يبغضه قوم يذكرون أنهم من أمتي، لم يجعل الله لهم في الاسلام نصيبا، يا ابن عباس إن من علامة بغضهم له تفضيلهم من هو دونه عليه، والذي بعثني بالحق (2) ما بعث الله نبيا أكرم عليه مني ولا وصيا أكرم عليه من وصيي علي.
قال ابن عباس: فلم أزل كما أمرني (3) رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأوصاني (4) بمودته، وإنه لأكبر عملي عندي، قال ابن عباس: ثم مضى من الزمان ما مضى وحضرت رسول الله