الناس من يقول آمنا بالله " الذي أمرك بنصب علي إماما وسائسا لامتك ومدبرا " وما هم بمؤمنين " بذلك ولكنهم مواطؤون على هلاكك وهلاكه، يوطنون أنفسهم على التمرد على علي إن كان بك كائنة.
قوله عز وجل: " يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون " قال موسى بن جعفر عليه السلام: فاتصل (1) ذلك من مواطأتهم وقيلهم في علي عليه السلام وسوء تدبيرهم عليه برسول الله صلى الله عليه وآله، فدعاهم وعاتبهم فاجتهدوا في الايمان وقال أولهم: يا رسول الله ما اعتددت (2) بشئ كاعتدادي بهذه البيعة، ولقد رجوت أن يفسح الله بها لي في الجنان (3) ويجعلني فيها من أفضل النزال والسكان، وقال ثانيهم:
بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما وثقت بدخول الجنة والنجاة من النار إلا بهذه البيعة، والله ما يسرني إن نقضتها أو نكثت بعد ما أعطيت من نفسي ما أعطيت وإن [كان] لي طلاع ما بين الثرى إلى العرش لآلي رطبة وجواهر فاخرة، وقال ثالثهم: والله يا رسول الله لقد صرت من الفرح بهذه البيعة من السرور والفتح من الآمال في رضوان الله ما أيقنت أنه لو كانت علي ذنوب أهل الأرض (4) كلها لمحصت عني بهذه البيعة، وحلف على ما قال من ذلك، ولعن من بلغ عنه رسول الله خلاف ما حلف عليه، ثم تتابع بهذا الاعتذار (5) من بعدهم من الجبابرة والمتمردين، فقال الله عز وجل لمحمد: " يخادعون الله " يعني يخادعون رسول الله صلى الله عليه وآله بإبدائهم خلاف ما في جوانحهم " والذين آمنوا " كذلك أيضا الذين سيدهم وفاضلهم علي بن أبي طالب عليه السلام ثم قال: وما يخدعون إلا أنفسهم " وما يضرون بتلك الخديعة إلا أنفسهم، فالله غني عنهم وعن نصرتهم، ولولا إمهاله لما قدروا على شئ من فجورهم وطغيانهم " وما يشعرون " أن الامر كذلك، وأن الله يطلع نبيه على نفاقهم وكذبهم وكفرهم، ويأمره بلعنهم في لعنة الظالمين الناكثين، وذلك اللعن لا يفارقهم،