أو تظنها حجة، والأول مما لا يقدم عليه مثل الأنصار الذين آووا ونصروا، وهم كبار الصحابة وأعلام المسلمين وخيار الناس وأعيان أهل الدين، [و] كيف يقدم مثلهم على هذا الفسق الواضح!؟ أفلا كان في الأمة من يطعن عليهم بالفسق والعصيان؟ ولو كان، لنقل إلينا وهذا النوع من الاستدلال قد شاع بين القوم التمسك به.
وأيضا أجمعت الأمة إجماعا مركبا على أن كل من قال في الإمامة بالرأي، ودان فيها بالاجتهاد فاسق، أو أنهم أتوا بأفضل عبادة وأثيبوا وإن لم يصيبوا.
وأما أن بعضهم أصاب الحق واليقين وآخرون فسقوا عن الدين، فمنفي إجماعا، فتعين أن يكون الأنصار ومن يحذو حذوها قالت ما قالت عن شبهة، فكان الواجب على عمر أن يتمسك برجحان اجتهاده صلى الله عليه وآله على اجتهادهم بواحد من الوجوه التي تصلح للترجيح من الأمور المقررة في الأصول.
وعلى الثاني، كان عليه أن يثبت بدليل أنه صادر عن الوحي لا عن الاجتهاد، ويأتي بحجة تعين كونه من أحد القسمين دون الآخر.
وأيضا لا معنى لقياس ما يجوز فيه الاجتهاد ويسوغ عليه الخطأ، كأمر الإمامة والرئاسة على ما يجب استناده إلى الوحي والتوقيف، وكيف شبه أحدهما بالآخر مع هذا الفارق الجلي الواضح!؟.
الثالث والعشرون: قول عمر حين قال بعض المرتابين في جيش أسامة لرسول الله صلى الله عليه وآله: " أتؤمر علينا هذا الشاب الحدث ونحن جلة مشيخة قريش!؟ ": دعني يا رسول الله أضرب عنقه فقد نافق.
وهذا يدل على أنه يلزم بمجرد مخالفة النبي صلى الله عليه وآله النفاق والكفر، ولا يجوز مخالفته صلى الله عليه وآله، سواء كان قوله عن اجتهاد أو لا،