ولا يخفى أن في هذه الكلمات اعترافا بأن الاجتهاد بخلاف أمره صلى الله عليه وآله قطعي البطلان، واجتهاد بخلاف أمر الله عز وجل، فلو فرضنا تعبده صلى الله عليه وآله بالاجتهاد، لم يجز مخالفته على حال من الأحوال.
السادس عشر: قوله تعالى: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره ن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) [63 / النور: 24].
جعل عامة المفسرين الضمير راجعا إلى الرسول صلى الله عليه وآله.
وقول أبي بكر الرازي إنه راجع إلى الله سبحانه، لا عبرة به، على أنه لو صح لكان بناء الكلام على ادعاء أن مخالفة أمره مخالفته سبحانه، حتى تتلاءم أجزاء الآية، وحينئذ يتم المقصود بوجه أتم.
وإذا كان مخالفة أمره صلى الله عليه وآله موضعا للحذر عن الفتنة والعذاب الأليم، ظهر فساد الاجتهاد في خلافه. أما إذا جعل موافقة الأمر عبارة عن الاعتراف بكون ذلك الأمر حقا واجب القبول على ما زعمه البعض، فظاهر.
وأما إذا جعل بمعنى الإتيان بما أمر به على وجهه، فلأنه إذا كان مخالفة أمره بهذا المعنى مظنة للعذاب والفتنة، كان الاجتهاد بخلاف ما أمر به باطلا، وهو المدعى.
[الوجه] السابع عشر: الأوامر المطلقة في إيجاب طاعة الرسول صلى الله عليه وآله مفردة ومقرونة بإيجاب طاعة الله سبحانه كقوله تعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون) [132 / آل عمران: 3] وقوله تعالى: (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين) [54 / النور: 24] وهي في الكتاب الكريم أكثر من عشرين موضعا، والاجتهاد