على بطلان القياس فيما وجد فيه نص من الكتاب والسنة على ما شرح في التفاسير. وعلى التقديرين يبطل القياس في مقابلة النص وإذا بطل القياس في مقابلة النص ولم يجز العمل به فيما وجد فيه نص من الرسول صلى الله عليه وآله، لم يجز الاجتهاد والعمل به مخالفة لقول الرسول صلى الله عليه وآله، لأن كل من قال بعدم جوازه بالقياس، قال بعدم جوازه مطلقا.
على أن الآية عامة في كل متنازع فيه، سواء كان مما يؤخذ حكم طرفي النزاع، أو أحدهما من الكتاب والسنة، أولا. وقد حكم [فيها] بأنه يجب أن يرجع فيه إلى قول الله ورسوله ولا يحكم بأحد الطرفين، فعند مخالفة النبي صلى الله عليه وآله بالاجتهاد ولو بالاستنباط الظني من النص، يصدق أنه مما يجب الرجوع فيه إلى النص، فلا يجوز الاجتهاد على خلافه.
بقي الكلام في أنه ربما كانت المسألة إجماعية فلا يصدق أنها متنازع فيها، أو كانت مما لم يسبق إليه قول.
والجواب عنها قد سبق في تقرير الاستدلال بقوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون) الآية.
الثامن: قوله تعالى: (وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا) [61 / النساء] ذمهم على صدهم عن الرسول صلى الله عليه وآله مطلقا، فدل على أن هذا الفعل ممن كان وبأي طريق كان مذموما غير سائغ، فلا يجوز مخالفته في شئ، لأنه نوع من الصد.
التاسع: قوله تعالى: (وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله) قالوا: تقريره أن إرسال الرسول لما لم يكن إلا ليطاع، كان من لم يطعه ولم يرض بحكمه لم يقبل رسالته، ومن كان كذلك كان كافرا مستوجبا للقتل.
وهذا الكلام منهم يدل على أنهم فهموا منه عموم الإطاعة في جميع الأوامر، بمعنى أن الإرسال للإطاعة في جميع الأوامر والنواهي لا يجوز أن يخالف في