شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) [65 / النساء: 4] تقريره أن المسألة الخلافية بين الأمة يصدق عليها أنها مما شجر بينهم فيجب في كل مسألة خلافية أن يحكموه صلى الله عليه وآله، ويرجع إلى قوله ويسلموا ويركنوا إليه، ومخالفته صلى الله عليه وآله بالاجتهاد ضد ذلك.
فظهر أن المسألة الخلافية، لا يجوز مخالفة ما يظهر من قوله صلى الله عليه وآله فيها، سواء كان بالاجتهاد أو غيره، والمسائل الإجماعية وما لم يسبق إليه أحد بنفي أو إثبات أولى من ذلك.
أما الإجماعية فظاهر، وأما ما لم يسبق إليه أحد، فلأن اتباعه إذا وجب فيما تحقق قوله طائفة من المسلمين وشبهة شرعية بخلافه، ولم يمنع ذلك من وجوب اتباعه، ففيما لا يتحقق فيه ذلك الذي يتوهم مانعا أولى.
وأيضا لا قائل بالفصل، فإن الأمة بين قائل بجواز مخالفته في الخلافيات وغيرها، وبين ناف له فيهما جميعا.
وبهذا يندفع توهم أن قوله صلى الله عليه وآله، ربما كان مما أجمع على خلافه على أنه قبل الإجماع على خلافه، كان مما لم يسبق إليه قول بنفي ولا إثبات، أو كان مما وقع فيه الخلاف.
فإن قلت: هاهنا احتمال آخر ذهب إليه جماعة، وهو أن يخطئ صلى الله عليه وآله وينبه بالوحي على خطئه وما ذكرت لا ينفيه.
قلنا: هذا لا ينفع فيما نحن فيه، فإن الغرض أنه صلى الله عليه وآله لا يجوز مخالفته والعدول عن قوله بالاجتهاد، وأما أن ينبه بالوحي عليه، فكلام لا يسمن ولا يغني من جوع في جواز إبطال قوله صلى الله عليه وآله، وتخطئة رأيه وتصحيح ما صنعه جماعة من أصحابه خلافا لأمره، وردا عليه حكمه فيما لا وحي يدل على خطئه، بل قرره الله تعالى وأمضاه على رأيه.
[الوجه] الرابع: قوله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم