العلم، وقول النبي صلى الله عليه وآله معلوم أنه حكم الله ولو ظاهرا، ويجوز اتباعه بل يجب، واجتهاد الأمة إذا كان مخالفا له، ليس بمعلوم أنه يجوز اتباعه لتحقق الخلاف في ذلك، فمخالفته ترك للمعلوم الواجب المأمور، باتباعه بالمظنون المنهي عن اتباعه.
الخامس عشر: قوله تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا) [80 / النساء: 4] وجه الاستدلال أن من عرف اللسان لا يرتاب في أن مفاد الآية هو أن طاعة الرسول صلى الله عليه وآله ليس إلا طاعة الله عز وجل، فكما أن من خالف نص الله سبحانه بالاجتهاد ضال غاو، فكذلك من خالفه صلى الله عليه وآله بالاجتهاد، ومن جوز مخالفته، لأنه يقول عن اجتهاد لزمه القول باجتهاده تعالى وجواز مخالفته.
وقد فسر الله تعالى ضد الطاعة في الآية التالية لهذه الآية بإضمار غير ما يقول صلى الله عليه وآله، قال سبحانه: (ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) [81 / النساء: 4] وقد استدل الفخر الرازي في التفسير بهذه الآية على عصمته صلى الله عليه وآله في جميع أقواله وأفعاله ثم قال:
[و] قال الشافعي: في باب فرض طاعة الرسول صلى الله عليه وآله:
إن قوله تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) [80 / النساء: 4] يدل على أن كل تكليف كلف الله عباده في باب الوضوء والصلاة والزكاة والصوم والحج وسائر الأبواب في القرآن، ولم يكن ذلك التكليف مبينا في القرآن، فحينئذ لا سبيل إلى القيام بتلك التكاليف إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وآله، وإذا كان الأمر كذلك لزم القول بأن طاعة الرسول عين طاعة الله، هذا كلام الشافعي. انتهى.