وثانيها: أمره [تعالى] بالانتهاء عما نهى عنه، فإن كان نهى عن خلاف ما أمر به فذاك، وإلا فالأمر بالشئ، نهي عن ضده عند أكثر علماء الأصول، وفي النهي بعكس الأمر.
وثالثها: تعقيبه الكلام بالوعيد الشديد والعقاب العظيم.
وأيضا: [في] أمره بالتقوى بعد ذلك، إشعار بأن الأخذ والانتهاء المذكورين هما التقوى، وأن تاركه مسلوب عنه اسم التقوى مع [أن] النصوص الدالة على الأمر به وحرمة تركه أدلة على الوجوب.
السادس: قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) [1 / الحجرات: 49] وجه الدلالة أنه متى كان قول الرسول صلى الله عليه وآله موجودا، ثم قدمنا اجتهادنا عليه لزم التقدم بين يدي الله ورسوله.
وقد دلت صحاح أخبارهم على أن الآية نزلت في مماراة أبي بكر وعمر، في تأمير الأقرع بن حابس والقعقاع بن معبد، وقد كان ما تنازعا فيه من الأمور المتعلقة بالحروف، ولم يكن سبق من رسول الله صلى الله عليه وآله فيه أمر، وإنما أشار كل واحد من الرجلين ما رأى في تأميره من المصلحة بزعمه، وإذا كان مثل ذلك من التقديم المنهي عنه الموجب للتوبيخ الظاهر من سياق الآية، فالأمر في الاجتهاد فيما سبق فيه أمر منه صلى الله عليه وآله، وكان أشد تعلقا بالدين أولى وأظهر.
[الوجه] السابع: قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) [59 / المائدة: 4] والرد إلى الله ورسوله معناه إما التوقف إلى أن يعلم حكمه بنص الكتاب والسنة على ما هو الحق، أو المراد به القياس على الحكم الذي في الكتاب والسنة. وعلى التقدير الأول يدل على بطلان القياس مطلقا، وعلى الثاني يدل