الاجتهاد أم لا؟ وعلى الجواز، هل يقر على خطئه أم يرد عنه؟
فذهب إلى كل فريق إلا إقراره على الخطأ، فإن الظاهر من كلامهم أنه لم يقل به أحد وجعلوا رده عن الخطأ وجه الفرق بينه وبين سائر المجتهدين.
وقد ادعى العلامة في شرحه لمختصر ابن الحاجب الإجماع على أنه لا يقر على الخطأ، ويظهر من كلام الآمدي وبعض شراح صحيح مسلم أيضا ذلك.
فاختار الجبائي وأبو هاشم أنه [صلى الله عليه وآله] لم يتعبد في الشرعيات بالاجتهاد، ولم يقع منه فيها، وكان متعبدا به في الحروب.
وحكي عن الشافعي وأحمد بن حنبل وأبي يوسف تعبده به مطلقا.
وذهبت طائفة - ومنهم القاضي عبد الجبار وأبو الحسين البصري - إلى أنه يجوز ذلك من غير قطع به.
ونفاه أصحابنا قاطبة رضوان الله عليهم رأسا، ولم يجوزوه في أمور الدين والدنيا أصلا.
ثم لا يخفى أن جواز الاجتهاد ووقوعه منه صلى الله عليه وآله لا يستلزم جواز مخالفته، إذ يجوز أن يكون في أحكامه ما أدى إليه اجتهاده، ومع ذلك لا يجوز لأحد خلافه لإيجاب الله تعالى طاعته مطلقا.
ونظير ذلك أن الأمة يجوز أن تجتمع على حكم بالاجتهاد، ومع ذلك لا يسع أحد مخالفتها أصلا عندهم، والمجتهد في فروع الأحكام يحكم باجتهاده ولا يسوغ لمقلده مخالفته، وإن جاز عليه الخطأ في حكمه.
ولما كان المعقل الحصين للمخالفين في دفع المطاعن عن أئمتهم المضلين التمسك بجواز مخالفة الرسول الأمين عليه السلام، كما فعلوا ذلك في مخالفتهم له في تجهيز جيش أسامة وغيرها، أردنا أن نختم هذا المجلد المشتمل على