الله ويغفر لكم ذنوبكم [31 / آل عمران: 3] مفهوم الشرط إن لا تتبعوني لا يحبكم الله ولا يغفر لكم ذنوبكم، وما كان موجبا لعدم محبة الله وعدم مغفرة الذنوب، كان حراما.
فإن قلت: كل ما هو مستحب كان موجبا لمحبة الله، وربما كان سببا للمغفرة أيضا، ويصح استعمال الشرط فيه ويكون مفهومه حينئذ: إن لا تفعلوه تفوت المحبة المترتبة عليه، والمغفرة المسببة منه، فلا يدل على الوجوب.
قلنا: أولا: إن رجحان الاتباع كاف لنا، فإن من لا يجوز الاجتهاد عليه صلى الله عليه وآله، يجعل أمره واجبا ما دام لم يدل دليل آخر على خلافه أقوى منه، ومن يجوزه يجعل تركه ومخالفته واجبا أو مندوبا أو مباحا حسب ما أدى إليه اجتهاده، ولا يجعل اتباع أمره مندوبا أيضا في أكثر الأمر.
فالقول بأن اتباع أمره مندوب لا محالة، خلاف الإجماع المركب.
وثانيا: إن مفهوم الشرط يقتضي انتفاء الجزاء مطلقا، لا الجزاء المقيد بالشرط المقارن له، وإلا لم يصح الاستدلال بمفهوم الشرط في شئ من المواضع.
ولا يتوهم أن الأمر بالاتباع مطلق لا عام، فيصير حينئذ حاصل المفهوم: إن لا تتبعوني في شئ لا يحبكم الله أصلا، لا [أن المفهوم] إن لا تتبعوني ولو في أمر واحد لا يحبكم الله، لأن الاتفاق منا ومن الخصم حاصل على أن المراد به الأمر بالاتباع في جميع الأوامر، ولهذا استدلوا به في مسألة التأسي. فتدبر.
[الوجه] الخامس: قوله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب) [7 / الحشر:] وجه الدلالة أمور:
أحدها: أمره تعالى بالأخذ بما أمر به الرسول صلى الله عليه وآله.