والدليل عليه صحة التقسيم بأن يقال: أهو وحي أم مستنبط من الوحي ومستند إليه؟ وقد قال سبحانه: (إن هو إلا وحي يوحى) [4 / النجم: 53] وقد اعترف البيضاوي بما ذكرنا حيث قال بعد نقل الجواب: وفيه نظر، لأن ذلك حينئذ يكون بالوحي لا الوحي.
ومنها: أنا نخصص الكلام باجتهاد يجوز فيه الخطأ، ولا ننازع الآن في اجتهاد يؤمن معه الخطأ ولا يجوز مخالفته، ويكون من قبيل القاطع، ولا يتعلق غرضنا في هذا المقام بأن النبي صلى الله عليه وآله هل يقول ما يقوله عن الوحي النازل بخصوص كل قول؟ أو يقول من طريق عام ويأخذه عن ضابطة كلية لا يأتيها الباطل من بين يديها ومن خلفها؟
فنقول: قال الله تبارك وتعالى: (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) وقد اتفق المفسرون على أن الآية مسوقة لنفي الضلال وإثبات الوحي، إنما هو لنفي الضلال المذكور في الآية، والضلال لا يختص بالأصول، بل يكون في الفروع في جميع أقسام الأحكام، وإلا لم يكن لاستدلال القوم على حجية الإجماع في الفروع حتى الحروب والولايات بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله: " لا تجتمع أمتي على الضلالة ". وما يحذو حذوه معنى.
فقد ثبت إذن أن الوحي لا يتناول اجتهادا يجوز الخطأ فيه، وإلا لم يلزم من كونه وحيا نفي الضلال عنه كما هو المقصود، وهذا القدر يكفينا، ويدل عليه ما روي أنه صلى الله عليه وآله نزل منزلا فقيل [له]: إن كان ذلك عن وحي فالسمع والطاعة، وإن كان عن رأي فليس ذلك بمنزل مكيدة، والمشهور أن المنزل كان ب " بدر "، والقائل [هو] حباب بن المنذر. فدل ذلك على أن الوحي لا يجوز فيه الخطأ، وقد قرره النبي صلى الله عليه وآله، ولم يسمع بأحد يطعن على قائل هذا القول ويقول: تقسيمه هذا باطل.
وأي ملازمة بين كونه وحيا، ووجوب السمع والطاعة، لا في زمن