مطاعنهم بما يدل على فساد أحد الأمرين: أعني جواز الاجتهاد عليه صلى الله عليه وآله، أو وقوعه منه، وجواز مخالفته في شئ من أحكامه وإن كان عن اجتهاد، لاستلزام كل منهما ما هو المقصود، والتوكل في جميع الأمور على الرب الودود.
فنقول: يدل على ذلك وجوه:
الأول قوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) [3 / النجم: 53] نفى سبحانه كون نطقه صلى الله عليه وآله عن الهوى، وحصره في كونه وحيا، ولو كان بعض أقواله عن اجتهاد لما صح الحصر.
ولو قلنا بكون الهوى متناولا للاجتهاد بقرينة المقابلة، لاقتضائها كون المراد بالهوى ما ليس بوحي والاجتهاد ليس بوحي لدل الجزء الأول على المدعى أيضا.
وأورد عليه بأن المراد بالآية نفي ما كانوا يقولونه في القرآن أنه افتراه، فانتفى العموم، ولئن سلمنا فلا نسلم أنه ينفي الاجتهاد، لأنه إذا كان متعبدا بالاجتهاد بالوحي، لم يكن نطقه عن الهوى، بل كان قولا عن الوحي.
والجواب عن الأول: أن الآية غير معلوم نزولها في رد قولهم المذكور، فلا يجوز تخصيص القرآن به، وإنما يجوز [التخصيص] بالمعلوم وما في حكمه، ولو سلم فخصوص السبب لا يخصص العموم كما هو المشهور، ولا دليل من الخارج على التخصيص.
وعن الثاني من وجوه.
منها: أنهم يقابلون الوحي بالاجتهاد في كثير من كلامهم.
ومنها: أن الوحي هو الكلام الذي يسمع بسرعة، وليس الاجتهاد كذلك، وإنما يستند حجيته إلى الوحي، والمستند إلى الوحي في أمر غير الوحي،