ألا وإنه لا ينفعكم بعد تضييع دينكم شئ حافظتم عليه من أمر دنياكم، أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق وألهمنا وإياكم الصبر.
إيضاح:
قوله عليه السلام: " بهذا الأمر ": أي الخلافة. " أقواهم عليه ": أي أحسنهم سياسة وأشجعهم، و [هذا] يدل على عدم جواز إمامة المفضول لا سيما مع قوله عليه السلام: " فان شغب... إلى آخره ". والشغب بالتسكين: تهييج الشر. والمراد بالاستعتاب: طلب الرجوع بالمراسلة والكلام ونحوهما.
قوله عليه السلام: " لئن كانت الإمامة " قال ابن أبي الحديد: هذا تصريح بصحة مذهب أصحابنا في أن الاختيار طريق إلى الإمامة، ويبطل قول الإمامية من دعوى النص، وأنه لا طريق إلى الإمامة سوى النص. انتهى.
[أقول:] وفيه نظر، أما أولا: فلأنه [عليه السلام] إنما احتج عليهم بالإجماع، إلزاما لهم لاتفاقهم على العمل به في خلافة أبي بكر وأخويه، وعدم تمسكه عليه السلام بالنص لعلمه عليه السلام بعدم التفاتهم إليه. كيف وقد أعرضوا عنه في أول الأمر مع قرب العهد بالرسول صلى الله عليه وآله وسماعهم عنه. وأما ثانيا: فلأنه عليه السلام لم يتعرض للنص نفيا وإثباتا، فكيف يكون مبطلا لما ادعاه الإمامية من النص؟! والعجب أنه جعل هذا تصريحا بكون الاختيار طريقا إلى الإمامة! ونفى الدلالة في قوله عليه السلام: " إن أحق الناس بهذا الأمر... " على نفي إمامة المفضول مع قوله عليه السلام: " فإن أبى قوتل ".
مع أنه لم يصرح بأن الإمامة تنعقد بالاختيار، بل قال: إنها لا تتوقف على حضور عامة الناس، ولا ريب في ذلك، نعم يدل بالمفهوم عليه وهذا تقية منه عليه السلام.
ولا يخفى على من تتبع سيره عليه السلام أنه لم يمكنه إنكار خلافتهم والقدح فيها صريحا في المجامع، فلذا عبر بكلام موهم لذلك.
قوله عليه السلام: " وأهلها يحكمون ": وإن كان موهما له أيضا، لكن