أمين وحيه وخاتم رسله وبشير رحمته ونذير نقمته.
أيها الناس! إن أحق الناس بهذا الأمر أقواهم عليه، وأعملهم بأمر الله فيه (1). فإن شغب شاغب استعتب، فإن أبى قوتل. ولعمري لئن كانت الإمامة لا تنعقد حتى تحضرها عامة الناس ما إلى ذلك سبيل، ولكن أهلها يحكمون على من غاب عنها ثم ليس للشاهد أن يرجع ولا للغائب أن يختار.
ألا وإني أقاتل رجلين: رجلا ادعى ما ليس له، وآخر منع الذي عليه.
أوصيكم بتقوى الله، فإنه خير ما تواصى العباد به وخير عواقب الأمور عند الله، وقد فتح باب الحرب بينكم وبين أهل القبلة، ولا يحمل هذا العلم إلا أهل البصر والصبر والعلم بمواقع الحق، فامضوا لما تؤمرون به وقفوا لما تنهون عنه، ولا تعجلوا في أمر حتى تبينوا فإن لنا مع كل أمر تنكرونه غيرا.
ألا وإن هذه الدنيا التي أصبحتم تتمنونها وترغبون فيها وأصبحت تغضبكم وترضيكم، ليست بداركم ولا منزلكم الذي خلقتم له ولا الذي دعيتم إليه.
ألا وإنها ليست بباقية لكم ولا تبقون عليها، وهي وإن غرتكم منها فقد حذرتكم شرها، فدعوا غرورها لتحذيرها، وأطماعها لتخويفها، وسابقوا فيها إلى الدار التي دعيتم إليها، وانصرفوا بقلوبكم عنها، ولا يخنن أحدكم خنين الأمة على ما زوي عنه منها، واستتموا نعمة الله عليكم بالصبر على طاعة الله، والمحافظة على ما استحفظكم من كتابه.
ألا وإنه لا يضركم تضييع شئ من دنياكم بعد حفظكم قائمة دينكم.