جعل الله ما كان من شكواك حطا لسيئاتك فإن المرض لا أجر فيه ولكن لا يدع للعبد ذنبا إلا حطه إنما الاجر في القول باللسان والعمل باليد والرجل وإن الله عز وجل يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة [عالما جما] (1) من عباده الجنة.
ثم مضى غير بعيد فلقيه عبد الله بن وديعة الأنصاري فدنا منه وسأله فقال له: ما سمعت الناس يقولون في أمرنا هذا؟ قال: منهم المعجب به ومنهم المكاره له والناس كما قال الله تعالى: * (ولا يزالون مختلفين) * [118 / هود 11] فقال له: فما يقول ذوو الرأي؟ قال: يقولون: إن عليا كان له جمع عظيم ففرقه وحصن حصين فهدمه فحتى متى يبني مثل ما هدم وحتى متى يجمع مثل ما قد فرق؟! فلو أنه كان مضى بمن أطاعه إذ عصاه من عصاه فقاتل حتى يظهره الله أو يهلك إذا كان ذلك هو الحزم. فقال عليه السلام: أنا هدمت أم هم هدموا؟ أم أنا فرقت أم هم تفرقوا؟ وأما قولهم: لو أنه كان مضى بمن أطاعه إذ عصاه من عصاه فقاتل حتى يظفر أو يهلك إذا كان ذلك هو الحزم. فوالله ما غبي عني ذلك الرأي وإن كنت لسخيا بنفسي عن الدنيا (2) طيب النفس بالموت ولقد هممت بالاقدام فنظرت إلى هذين قد استقدماني فعلمت إن هذين إن هلكا انقطع نسب محمد صلى الله عليه وآله من هذه الأمة فكرهت ذلك وأشفقت على هذين أن يهلكا ولقد علمت أن لولا مكاني لم يستقدما يعني بذلك ابنيه الحسن والحسين وأيم الله لئن لقيتهم بعد يومي لألقينهم وليس هما معي في عسكر ولا دار.