463 - نهج البلاغة: ومن كلام له عليه السلام فتداكوا علي تداك الإبل الهيم يوم ورودها قد أرسلها راعيها وخلعت مثانيها حتى ظننت أنهم قاتلي أو بعضهم قاتل بعض لدي وقد قلبت هذا الامر بطنه وظهره حتى منعني النوم فما وجدتني يسعني إلا قتالهم أو الجحود بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله فكانت معالجة القتال أهون علي من معالجة العقاب وموتات الدنيا أهون علي من موتات الآخرة.
بيان: قال ابن ميثم: " هذا إشارة إلى صفة أصحابه بصفين لما طال منعه لهم من قتال أهل الشام " كما هو الظاهر من آخر الكلام لكن كثير من الشواهد تدل على أنه لبيان حالة البيعة [بعد هلاك عثمان] كما سيأتي بعضها لا سيما ما كان في نسخة ابن أبي الحديد (1) فإنه ذكر العنوان هكذا: " من كلام له عليه السلام في ذكر البيعة ".
قوله عليه السلام " تداكوا " أي دك بعضهم بعضا. والدك هو الدق. وقيل:
أصله الكسر. والهيم: العطاش. والورد بالكسر: النصيب من الماء والاشراف عليه. وفي بعض النسخ " ورودها " وهو حضورها لشرب الماء. و " أرسلها " أي أهملها وأطلقها. والمثاني جمع مثناة بفتح الميم وكسرها وهي حبل من صوف أو شعر أو غيره تثنى ويعقل بها البعير و " قاتلي " على صيغة الجمع مضافة إلى ياء المتكلم. وجملة: " يسعني " مفعول ثان والضمير في " قتالهم " يعود إلى معاوية وأصحابه على الأول وإلى الناكثين على الثاني.
والمعالجة: المزاولة. وموتات الدنيا: شدائدها وأهوالها ومتاعبها بقرينة موتات الآخرة.
ويحتمل أن يراد بالأولى أنواع الموت وبالثانية الشدائد التي هي أشد من الموت.