قال: ثم مضى حتى جزنا دور بني عوف فإذا نحن عن أيماننا بقبور سبعة أو ثمانية فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ما هذه القبور؟ فقال له: قدامة بن العجلان الأزدي: يا أمير المؤمنين إن خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك فأوصى أن يدفن في الظهر وكان الناس يدفنون في دورهم وأفنيتهم فدفن الناس إلى جنبه. فقال: رحم الله خبابا فقد أسلم راغبا وهاجر طائعا وعاش مجاهدا وابتلى في جسده أحوالا ولن يضيع الله أجر من أحسن عملا.
فجاء حتى وقف عليهم ثم قال: عليكم السلام يا أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات أنتم لنا سلف وفرط ونحن لكم تبع وبكم عما قليل لاحقون اللهم اغفر لنا ولهم وتجاوز عنا وعنهم. ثم قال: الحمد لله الذي جعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا (1) الحمد لله الذي جعل منها خلقنا وفيها يعيدنا وعليها يحشرنا طوبى لمن ذكر المعاد وعمل للحساب وقنع بالكفاف ورضي عن الله بذلك.
ثم أقبل حتى دخل سكة الثوريين فقال: خشوا [بين] هذه الأبيات (2).
وعن عمر بن سعد بن عبد الله بن العاصم الفائشي قال: لما مر علي عليه السلام بالثوريين يعني ثور همدان سمع البكاء فقال: ما هذه الأصوات؟
قيل: هذا البكاء على من قتل بصفين قال: أما إني شهيد لمن قتل منهم صابرا محتسبا بالشهادة.
ثم مر بالفائشيين فسمع الأصوات فقال ذلك.