عذاب أليم وتشفي بكم على الخير والايمان بالله والجهاد في سبيل الله وجعل ثوابه مغفرة للذنب ومساكن طيبة في جنات عدن وقال جل وعز: * (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) * [4 / الصف: 61] فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص فقدموا الدارع وأخروا الحاسر وعضوا على النواجذ فإنه أنبأ للسيوف عن الهام والتووا على أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة وغضوا الابصار فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل وأولى بالوقار ولا تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلا مع شجعانكم فإن المانع للذمار والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ ولا تمثلوا بقتيل.
وإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا، ولا تدخلوا دارا، ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ضعاف القوى والأنفس والعقول وقد كنا نؤمر بالكف عنهن وهن مشركات وإن كان الرجل ليتناول المرأة فيعير بها وعقبه من بعده.
واعلموا أن أهل الحفاظ هم الذين يحفون براياتكم ويكتنفونها ويصبرون حفافيها وورائها وأمامها ولا يضيعونها لا يتأخرون عنها فيسلموها ولا يتقدمون عليها فيفردوها.
رحم الله امرءا واسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك اللائمة ويأتي بدناءة وكيف لا يكون كذلك وهو يقاتل الاثنين وهذا ممسك يده قد خلى قرنه على أخيه هاربا ينظر إليه وهذا فمن يفعله يمقته الله فلا تعرضوا لمقت الله عز وجل فإنما ممركم إلى الله وقد قال الله عز وجل * (لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا) * [16 / الأحزاب: 33] وأيم الله لئن فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيوف الآجلة فاستعينوا بالصبر والصدق فإنما ينزل النصر بعد الصبر فجاهدوا في الله حق جهاده ولا قوة إلا بالله.