بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٢ - الصفحة ٥٥٤
ثم مر بالشاميين فسمع رنة شديدة وصوتا مرتفعا عاليا فخرج إليه حرب بن شرحبيل الشامي فقال علي عليه السلام: أتغلبكم نساؤكم ألا تنهونهن عن هذا الصياح والرنين؟ قال: يا أمير المؤمنين لو كانت دارا أو دارين أو ثلاثة قدرنا على ذلك ولكن من هذا الحي ثمانون ومائة قتيل فليس من دار إلا وفيها بكاء أما نحن معاشر الرجال فإنا لا نبكي ولكن نفرح لهم بالشهادة فقال علي عليه السلام: رحم الله قتلاكم وموتاكم وأقبل يمشي معه وعلي راكب فقال له علي عليه السلام: ارجع فإن مشي مثلك مع مثلي فتنة للوالي ومذلة للمؤمن (1).
ثم مضى حتى مر بالناعطيين فسمع رجلا منهم يقال له عبد الرحمن بن مرثد فقال: ما صنع علي والله شيئا ذهب ثم انصرف في غير شئ فلما نظر إلى أمير المؤمنين عليه السلام أبلس (2) فقال عليه السلام لأصحابه: قوم فارقتهم آنفا خير من هؤلاء ثم قال:
أخوك الذي إن أجهضتك ملمة * من الدهر لم يبرح لبثك واجما (3) وليس أخوك بالذي إن تشعبت * عليك أمور ظل يلحاك لائما ثم مضى فلم يزل يذكر الله حتى دخل الكوفة.
بيان: قال في النهاية فيه: إنه انكفئ لونه عام الرمادة أي تغير عن حاله ومنه حديث الأنصار: مالي أرى لونك منكفئا؟ قال: من الجوع انتهى والاجهاض: الغلبة. ولم يبرح أي لم يزل.
والواجم: الذي اشتد حزنه حتى أمسك عن الكلام. والتشعب: التفرق.

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمختار: (٣٢٢) من الباب الثالث من كتاب نهج البلاغة، وفي كتاب صفين الكمباني من البحار: " ومذلة للمؤمنين ".
سكت كسكوت المنقطع عن الحجة.
(٢) هذا هو الظاهر المذكور في كتاب صفين غير أن فيه: " إن أحرضتك " وهو من قولهم:
أحرضه الحزن: أفسده وأسقطه بحيث ما بقي له قدرة على النهوض.
(٣) وفي تاريخ الطبري: ج ٥ ص ٦٣: " إن أجرضتك... " وهو من قولهم: أجرضه بربقه أغضه وفي ط الكمباني من البحار: " من الدهر لم يبرح من الدهر واجما " وهو تصحيف.
(٥٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 549 550 551 552 553 554 555 556 557 558 559 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: باب بيعة أمير المؤمنين عليه السلام وما جرى بعدها من نكث الناكثين إلى غزوة الحمل 1
2 الباب الثاني: باب احتجاج أم سلمة على عائشة ومنعها عن الخروج 149
3 الباب الثالث: باب ورود البصرة ووقعه الجمل وما وقع فيها من الإحتجاج 171
4 الباب الرابع: باب احتجاجه عليه السلام على أهل البصرة وغيرهم بعد انقضاء الحرب وخطبه (عليه السلام) عند ذلك. 221
5 الباب السادس: باب نهى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم عائشة عن مقاتلة علي عليه السلام وإخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياها بذلك 277
6 الباب السابع: باب أمر الله ورسوله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين وكل من قاتل عليا صلوات الله عليه وفي [بيان] عقاب الناكثين. 289
7 الباب الثامن: باب حكم من حارب عليا أمير المؤمنين صلوات الله عليه 319
8 الباب التاسع: باب احتجاجات الأئمة عليهم السلام وأصحابهم على الذين أنكروا على أمير المؤمنين صلوات الله عليه حروبه. 343
9 الباب العاشر: باب خروجه صلوات الله عليه من البصرة وقدومه الكوفة إلى خروجه إلى الشام 351
10 الباب الحادي عشر: باب بغي معاوية وامتناع أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن تأميره وتوجهه إلى الشام للقائه إلى ابتداء غزوات صفين. 365
11 الباب الثاني عشر: باب جمل ما وقع بصفين من المحاربات والاحتجاجات إلى التحكيم 447