وجاء الأشتر عليا فقال: يا أمير المؤمنين الزني بعمرو بن العاص (1) فوالله الذي لا إله غيره لئن ملئت عيني منه لأقتلنه.
وجاء الأحنف بن قيس عليا عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين إنك قد رميت بحجر الأرض ومن حارب الله ورسوله أنف الاسلام وإني قد عجمت هذا الرجل يعني أبا موسى وحلبت أشطره فوجدته كليل الشفرة قريب القعر كليل المدية وإنه لا يصلح لهؤلاء القوم إلا رجل يدنو منهم حتى يكون في أكفهم ويتباعد منهم حتى يكون بمنزلة النجم منهم فإن شئت أن تجعلني حكما فاجعلني وإن شئت أن تجعلني ثانيا أو ثالثا فإن عمروا لا يعقد عقدة إلا عقدت لك أشد منها.
فعرض علي عليه السلام ذلك على الناس فأبوه وقالوا: لا يكون إلا أبو موسى.
فبعث أيمن بن خريم الأسدي (2) وكان معتزلا لمعاوية بأبيات تدل على أن صلاحهم في اختيار ابن عباس وترك أبي موسى فطارت أهواء قوم من أولياء علي عليه السلام وشيعته إلى ابن عباس وأبت القراء إلا أبا موسى.
قال نصر: فلما رضي أهل الشام بعمرو وأهل العراق بأبي موسى أخذوا في سطر كتاب الموادعة وكانت صورته:
هذا ما تقاضى عليه علي أمير المؤمنين ومعاوية بن أبي سفيان.
فقال معاوية: بئس الرجل أنا إن أقررت أنه أمير المؤمنين ثم قاتلته! وقال عمرو: لا بل نكتب اسمه واسم أبيه إنما هو أميركم فأما أميرنا فلا. فلما أعيد إليه الكتاب أمر بمحوه فقال الأحنف: لا تمح اسم إمرة المؤمنين عنك فإني أتخوف إن محوتها أن لا ترجع إليك أبدا فلا تمحها.