وتحركت الخيل غدوة فظن قيس أن فيها معاوية فحمل على رجل يشبهه فقنعه بالسيف فإذا غير معاوية وحمل الثانية [على آخر يشبهه أيضا] فضربه ثم انصرف.
ثم إن النعمان خرج حتى وقف بين الصفين فقال: يا قيس أنا النعمان بن بشير. قال قيس: ما حاجتك. قال: يا قيس إنه قد أنصفكم من دعاكم إلى ما رضي لنفسه ألستم معشر الأنصار تعلمون أنكم أخطأتم في خذل عثمان يوم المدينة وقتلتم أنصاره يوم الجمل واقحامكم على خيولكم أهل الشام بصفين فلو كنتم إذ خذلتم عثمان خذلتم عليا ولكنكم خذلتم حقا ونصرتم باطلا ثم لم ترضوا أن تكونوا كالناس حتى أعلمتم في الحرب ودعوتم إلى البراز ثم لم ينزل بعلي أمر قط إلا وهونتم عليه المصيبة ووعدتموه الظفر وقد أخذت الحرب منا ومنكم ما قد رأيتم فاتقوا الله في البقية.
قال: فضحك قيس ثم قال: ما كنت أراك يا نعمان تجترئ على هذه المقالة، إنه لا ينصح أخاه من غش نفسه وأنت والله الغاش الضال المضل (1).
وأما ذكرك عثمان فإن كانت الاخبار تكفيك فخذها مني واحدة قتل عثمان من لست خيرا منه وخذله من هو خير منك.
وأما أصحاب الجمل فقاتلناهم على النكث.
وأما معاوية فوالله لئن اجتمعت عليه العرب لقاتلته الأنصار.
وأما قولك إنا لسنا كالناس فنحن في هذه الحروب كما كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله نتقي السيوف بوجوهنا والرماح بنحورنا حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ولكن انظر يا نعمان هل ترى مع معاوية إلا طليقا أو أعرابيا أو يمانيا مستدرجا بغرور.