قال: وحرض علي عليه السلام أصحابه فقام إليه الأصبغ بن نباتة فقال:
يا أمير المؤمنين قدمني في البقية من الناس فإنك لا تفقد لي اليوم صبرا ولا نصرا قال عليه السلام تقدم باسم الله والبركة فتقدم وأخذ رايته فمضى بالراية مرتجزا فرجع وقد خضب سيفه ورمحه دما وكان شيخا ناسكا عابدا وكان إذا لقي القوم لا يغمد سيفه وكان من ذخائر علي عليه السلام ممن قد بايعه على الموت وكان من فرسان أهل العراق وكانوا قد ثقلوا عن البراز حين عضتهم الحرب.
فقال الأشتر: يا أهل العراق أما من رجل يشري نفسه لله؟ فخرج آثال بن حجل فنادى بين العسكرين هل من مبارز؟ فدعى معاوية حجلا فقال: دونك الرجل وكانا مستبصرين في رأيهما. فبرز كل منهما إلى صاحبه فبدره الشيخ بطعنة فطعنه الغلام فانتسبا فإذا هو ابنه فنزلا واعتنق كل منهما صاحبه وبكيا فقال له الأب: أي أثال هلم إلى الدنيا. فقال له الغلام: يا أباه هلم إلى الآخرة والله يا أبت لو كان من رأيي الانصراف إلى أهل الشام لكان من رأيك لي أن تنهاني وا سوأتاه فما يقول لي علي؟ كن على ما أنت عليه وأنا أكون على ما أنا عليه وانصرف كل منهما إلى أصحابهما.
ثم إن معاوية دعا النعمان بن بشير ومسلمة بن مخلد فقال: يا هذان ما لقيت من الأوس والخزرج؟ صاروا واضعي سيوفهم على عواتقهم يدعون إلى النزال حتى والله جبنوا أصحابي الشجاع منهم والجبان حتى والله ما أسأل عن فارس من أهل الشام إلا قالوا قتلته الأنصار أما والله لاعبين لكل فارس منهم فارسا ينشب في حلقه ثم لألقينهم بأعدادهم من قريش رجال لم يغذهم التمر والطفيشل (1) يقولون نحن الأنصار قد والله آووا ونصروا ولكن أفسدوا حقهم بباطلهم.