إن هذا هو الخطب الجليل أن فساقا كانوا عندنا غير مرضيين وعلى الاسلام وأهله متخوفين أصبحوا وقد خدعوا شطر (1) هذه الأمة فأشربوا قلوبهم حب الفتنة واستمالوا أهواءهم بالإفك والبهتان وقد نصبوا لنا الحرب وجدوا في إطفاء نور الله والله متم نوره ولو كره الكافرون.
اللهم فإنهم قد ردوا الحق فافضض جمعهم وشتت كلمتهم وابسلهم بخطاياهم فإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت.
435 - وعن نمير بن وعلة عن عامر الشعبي أن علي بن أبي طالب عليه السلام مر بأهل راية فرآهم لا يزولون عن موقفهم فحرض الناس على قتالهم وذكر أنهم غسان فقال:
إن هؤلاء القوم لن يزولوا عن موقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم وضرب يفلق الهام ويطيح العظام وتسقط منه المعاصم والأكف حتى تصدع جباههم وتنشر حواجبهم على الصدور والأذقان أين أهل الصبر وطلاب الخير؟ أين من يشري وجهه لله عز وجل؟
فثابت إليه عصابة من المسلمين فدعا ابنه محمدا فقال له: امش نحو هذه الراية مشيا رويدا على هينتك (2) حتى إذا أشرعت في صدورهم الرماح فأمسك يدك حتى يأتيك أمري ورأيي ففعل وأعد علي مثلهم فلما دنى منهم محمد وأشرع الرماح في صدورهم أمر علي الذين أعد فشدوا عليهم ونهض محمد