بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٢ - الصفحة ٥٢٠
فبلغ ذلك عليا عليه السلام فقال: صدق أبرهة بن الصباح والله ما سمعت بخطبة منذ وردت الشام أنا بها أشد سرورا مني بهذه.
وبلغ معاوية كلام أبرهة فتأخر آخر الصفوف وقال لمن حوله (1) والله إني لأظنه مصابا في عقله فارتج أهل الشام يقولون: والله إن أبرهة لأفضلنا دينا ورأيا وبأسا ولكن معاوية كره مبارزة علي عليه السلام.
وبرز يومئذ عروة بن داود الدمشقي فقال: إن كان معاوية كره مبارزتك يا أبا الحسن فهلم إلي فتقدم إليه علي وحمل عليه وقتله ثم قال: يا عروة اذهب فأخبر قومك أما والذي بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالحق لقد عاينت النار وأصبحت من النادمين.
فنظر إليه معاوية وكان واقفا على التل فقال: والله لقد دعاني علي إلى البراز حتى لقد استحييت من قريش. وإنما أراد بذلك [أن يبرز إليه] بسر بن أرطاة فقبل بسر أن يبارزه عليه السلام ثم ندم واستحيا من الاستعفاء فغدا علي عليه السلام منقطعا من خيله ومعه الأشتر وهو يريد التل فاستقبله بسر قريبا من التل فطعنه وهو لا يعرفه فاتقاه بسر برجله فانكشف عورته فانصرف علي عليه السلام عنه وناداه الأشتر يا أمير المؤمنين إنه بسر قال: دعه عليه لعنة الله (2).

(1) كذا في كتاب صفين ص 457، وفي ط الكمباني من البحار: " قال معاوية نحو هذا في آخر الصفوف: والله إني لأظنه مصابا في عقله ".
(2) وهذا اختصار مخل، وحري بنا أن نذكر القصة بحذف الأبيات نقلا عن الجزء (7) من كتاب صفين ص 458 تتميما للفائدة، قال:
وبرز يومئذ عروة بن داود الدمشقي فقال: إن كان معاوية كره مبارزتك يا أبا الحسن فهلم إلي!!.
فتقدم إليه علي [عليه السلام] فقال له أصحابه: ذر هذا الكلب فإنه ليس لك بخطر [يعني أنه ليس بأهل أن يبارزه مثلك]. فقال [علي]: والله ما معاوية اليوم بأغيظ لي منه دعوني وإياه ثم حمل عليه فضربه فقطعه قطعتين سقطت إحداهما يمنة والأخرى يسرة.
فارتج العسكران لهول الضربة!!! ثم قال: اذهب يا عروة فأخبر قومك، أما والذي بعث محمدا بالحق نبيا لقد عاينت النار وأصبحت من النادمين.
وقال ابن عم لعروة: وا سوء صباحا، قبح الله البقاء بعد أبي داود [ف‍] حمل على علي فطعنه فضرب [علي] الرمح فبراه ثم قنعه ضربة فألحقه بأبي داود، ومعاوية واقف على التل يبصر ويشاهد [ما جرى] فقال: تبا لهذه الرجال وقبحا أما فيهم من يقتل هذا مبارزة أو غيلة أو في اختلاف الفيلق وثوران النقع؟!
فقال [له] الوليد بن عقبة: أبرز إليه أنت فإنك أولى الناس بمبارزته!! فقال [معاوية]: والله لقد دعاني إلى البراز حتى استحييت من قريش وإني والله لا أبرز إليه، ما جعل العسكر بين يدي الرئيس إلا وقاية له.
فقال عتبة بن أبي سفيان: ألهوا عن هذا كأنكم لم تسمعوا نداءه فقد علمتم أنه قتل حريثا وفضح عمرا ولا أرى أحدا يتحكك به إلا قتله.
فقال معاوية لبسر بن أرطأة: أتقوم لمبارزته؟ فقال: ما أحد أحق بها منك، وإذ أبيتموه فأنا له. فقال له معاوية: أما إنك ستلقاه في العجاجة غدا في أول الخيل...
فغدا علي [عليه السلام] منقطعا من خيله ومعه الأشتر وهو يريد التل وهو يقول:
إني علي فاسألوا لتخبروا * ثم أبرزوا إلى الوغى أو أدبروا سيفي حسام وسناني أزهر * منا النبي الطيب المطهر وحمزة الخبر ومنا جعفر * له جناح في الجنان أخضر ذا أسد الله وفيه مفخر * هذا وهذا وابن هند محجر مذبذب مطرد مؤخر فاستقبله بسر قريبا من التل وهو مقنع في الحديد لا يعرف، فناداه أبرز إلي أبا حسن.
فانحدر إليه علي [عليه السلام] على تؤدة غير مكترث حتى إذا قاربه طعنه وهو دارع، فألقاه على الأرض، ومنع الدرع السنان أن يصل إليه فاتقاه بسر [بعورته] وقصد أن يكشفها يستدفع بأسه!!!
فانصرف عنه علي عليه السلام مستدبرا له، فعرفه الأشتر حين سقط، فقال: يا أمير المؤمنين هذا بسر بن أرطأة عدو الله وعدوك. فقال: دعه عليه لعنة الله أبعد أن فعلها؟!!...
وقام بسر من طعنة علي [موليا] وولت خيله، وناداه علي [عليه السلام]: يا بسر معاوية كان أحق بهذا منك!!!
(٥٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 515 516 517 518 519 520 522 523 524 525 526 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: باب بيعة أمير المؤمنين عليه السلام وما جرى بعدها من نكث الناكثين إلى غزوة الحمل 1
2 الباب الثاني: باب احتجاج أم سلمة على عائشة ومنعها عن الخروج 149
3 الباب الثالث: باب ورود البصرة ووقعه الجمل وما وقع فيها من الإحتجاج 171
4 الباب الرابع: باب احتجاجه عليه السلام على أهل البصرة وغيرهم بعد انقضاء الحرب وخطبه (عليه السلام) عند ذلك. 221
5 الباب السادس: باب نهى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم عائشة عن مقاتلة علي عليه السلام وإخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إياها بذلك 277
6 الباب السابع: باب أمر الله ورسوله بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين وكل من قاتل عليا صلوات الله عليه وفي [بيان] عقاب الناكثين. 289
7 الباب الثامن: باب حكم من حارب عليا أمير المؤمنين صلوات الله عليه 319
8 الباب التاسع: باب احتجاجات الأئمة عليهم السلام وأصحابهم على الذين أنكروا على أمير المؤمنين صلوات الله عليه حروبه. 343
9 الباب العاشر: باب خروجه صلوات الله عليه من البصرة وقدومه الكوفة إلى خروجه إلى الشام 351
10 الباب الحادي عشر: باب بغي معاوية وامتناع أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن تأميره وتوجهه إلى الشام للقائه إلى ابتداء غزوات صفين. 365
11 الباب الثاني عشر: باب جمل ما وقع بصفين من المحاربات والاحتجاجات إلى التحكيم 447