فقال صاحب الدير: والله ما بني هذا الدير إلا بذلك الماء وما استخرجه إلا نبي أو وصي نبي.
قال: ثم مضى (عليه السلام) حتى نزل بأرض الجزيرة فاستقبله بنو تغلب والنمر بن قاسط بجزر (1) فقال (عليه السلام) ليزيد بن قيس الأرحبي:
يا يزيد. قال: لبيك يا أمير المؤمنين. قال: هؤلاء قومك من طعامهم فأطعم ومن شرابهم فاشرب. قال: نعم.
ثم سار حتى أتى الرقة وجل أهلها عثمانية فروا من الكوفة إلى معاوية فأغلقوا أبوابها دونه فتحصنوا وكان رئيسهم سماك بن مخرمة الأسدي بالرقة في طاعة معاوية وقد كان فارق عليا في نخو من مائة رجل من بني أسد ثم كاتب معاوية وأقام بالرقة حتى لحق به منهم سبعمائة رجل.
قال نصر: فروى حبة أن عليا (عليه السلام) لما نزل على الرقة نزل على موضع يقال له: البليخ على جانب الفرات فنزل راهب هناك من صومعته فقال لعلي (عليه السلام) إن عندنا كتابا توارثناه عن آبائنا كتبه أصحاب عيسى بن مريم أعرضه عليك؟ قال: نعم فقرأ الراهب الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم الذي قضى فيما قضى وسطر فيما كتب (2) أنه باعث في الأميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويدلهم على سبيل الله لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجزى بالسيئة السيئة بل يعفو ويصفح، أمته الحمادون الذين يحمدون الله على كل نشر وفي كل صعود وهبوط تذل ألسنتهم بالتكبير والتهليل والتسبيح وينصره الله على من ناواه.