ثم مضى [معقل] حتى وافى عليا (عليه السلام) بالرقة.
قال نصر: وقالت طائفة من أصحاب علي (عليه السلام) له: يا أمير المؤمنين اكتب إلى معاوية ومن قبله من قومك فإن الحجة لا تزداد عليهم بذلك إلا عظما فكتب (عليه السلام) إليهم:
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية ومن قبله من قريش سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد فإن لله عبادا آمنوا بالتنزيل وعرفوا التأويل وفقهوا في الدين وبين الله فضلهم في القرآن الحكيم وأنتم في ذلك الزمان أعداء للرسول (صلى الله عليه وآله) مكذبون بالكتاب مجمعون على حرب المسلمين من ثقفتم منهم حبستموه أو عذبتموه وقتلتموه، حتى أراد الله تعالى إعزاز دينه وإظهار أمره فدخلت العرب في الدين أفواجا وأسلمت هذه الأمة طوعا وكرها.
فكنتم فيمن دخل هذا الدين إما رغبة وإما رهبة على حين فاز أهل السبق بسبقهم وفاز المهاجرون والأنصار بفضلهم ولا ينبغي لمن ليست لهم مثل سوابقهم في الدين ولا فضائلهم في الاسلام أن ينازعهم الامر الذي هم أهله وأولى به فيحوب ويظلم (1).
ولا ينبغي لمن كان له عقل أن يجهل قدره ولا يعدو طوره ويشقى نفسه بالتماس ما ليس بأهله فإن أولى الناس بأمر هذه الأمة قديما وحديثا أقربها من الرسول وأعلمها بالكتاب وأفقهها في الدين أولهم إسلاما وأفضلهم جهادا وأشدهم بما تحمله الرعية من أمر الله اضطلاعا فاتقوا الله الذي إليه ترجعون " ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ".
واعلموا أن خيار عباد الله الذين يعملون بما يعلمون وأن شرارهم الجهال الذين ينازعون بالجهل أهل العلم فإن للعالم بعلمه فضلا وإن الجاهل لا يزداد