الثانية، والرعابيب (1) ترعب، والأوداج تشخب، والصدور تخضب (2)؟ أم هلا بادرا يوم ذات الليوث، وقد أبيح المتولب (3)، واصطلم الشوقب، وادلهم الكوكب؟! ولم لا كانت شفقتهما على الاسلام يوم الكدر (4)، والعيون تدمع، والمنية تلمع، والصفائح تنزع..
ثم عدد وقائع النبي صلى الله عليه وآله كلها على هذا النسق، وقرعهما بأنهما في هذه المواقف كلها كانا مع النظارة والخوالف والقاعدين، فكيف بادرا الفتنة بزعمهما يوم السقيفة وقد توطأ الاسلام بسيفه، واستقر قراره، وزال حذاره (5).
ثم قال - بعد ذلك كله (6) -: ما هذه الدهماء والدهياء التي وردت علينا من قريش؟! أنا صاحب هذه المشاهد، وأبو هذه المواقف، وابن هذه الأفعال. يا معشر المهاجرين والأنصار! إني على بصيرة من أمري، وعلى ثقة من ديني، اليوم أنطقت الخرساء البيان، وفهمت العجماء الفصاحة، وأتيت العمياء بالبرهان، هذا [يوم ينفع الصادقين صدقهم] (7) قد توافقنا على حدود الحق والباطل، وأخرجتكم من الشبهة إلى الحق، ومن الشك إلى اليقين، فتبرأوا (8) - رحمكم الله - ممن نكث (9) البيعتين، وغلب الهوى به (10) فضل، وأبعدوا - رحمكم الله - ممن