اليوم نتواقف (1) على حدود الحق والباطل (2)، من استودع خائنا فقد غش نفسه، من استرعى ذئبا فقد ظلم، من ولي غشوما فقد اضطهد، هذا (3) موقف صدق، ومقام أنطق فيه بحقي، وأكشف الستر والغمة عن ظلامتي!
يا معشر المجاهدين المهاجرين والأنصار! أين كانت سبقة تيم وعدي إلى سقيفة بني ساعدة خوف الفتنة؟! ألا كانت يوم الأبواء (4) إذ تكانفت (5) الصفوف، وتكاثرت (6) الحتوف، وتقارعت السيوف؟ أم هلا خشيا فتنة الاسلام يوم ابن عبد ود وقد نفح بسيفه، وشمخ بأنفه، وطمح بطرفه؟! ولم لم يشفقا على الدين وأهله يوم بواط (7) إذا اسود لون الأفق، وأعوج عظم العنق، وانحل سيل الغرق (8)؟ ولم لم يشفقا يوم رضوي إذ السهام تطير، والمنايا تسير، والأسد تزأر؟
وهلا بادرا يوم العشيرة إذا (9) الأسنان تصطك، والآذان تستك، والدروع تهتك؟
وهلا كانت مبادرتهما يوم بدر، إذ الأرواح في الصعداء ترتقي، والجياد بالصناديد ترتدي، والأرض من دماء (10) الابطال ترتوي؟ ولم لم يشفقا على الدين يوم بدر