يقتلونني ولو قالوا لي: نقتلنك (1) البتة لامتنعت من قتلهم إياي، ولو لم أجد غير نفسي وحدي، ولكن قالوا: إن بايعت كففنا عنك وأكرمناك وقربناك وفضلناك، وإن لم تفعل قتلناك، فلما لم أجد أحدا بايعتهم، وبيعتي لهم لما لا حق لهم فيه لا يوجب لهم (2) حقا ولا يلزمني رضا، ولو أن عثمان لما قال له (3) الناس اخلعها ونكف عنك خلعها لم يقتلوه، ولكنه قال: لا أخلعها. قالوا: فإنا قاتلوك، فكف يده عنهم حتى قتلوه، ولعمري لخلعه إياها كان خيرا له، لأنه أخذها بغير حق، ولم يكن له فيها نصيب، وادعى ما ليس له، وتناول حق غيره.
ويلك - يا بن قيس -! إن عثمان لا يعدو أن يكون أحد رجلين، إما أن يكون دعا الناس إلى نصرته فلم ينصروه، وإما أن يكون القوم دعوه إلى أن ينصروه فنهاهم عن نصرته فلم يكن يحل له أن ينهى المسلمين عن أن ينصروا إماما هاديا مهتديا لم يحدث حدثا ولم يؤو محدثا، وبئس ما صنع حين نهاهم، وبئس ما صنعوا حين أطاعوه، فإما أن يكونوا لم يروه أهلا لنصرته لجوره وحكمه بخلاف الكتاب والسنة - وقد كان مع عثمان من أهل بيته ومواليه وأصحابه أكثر من أربعة آلاف رجل ولو شاء الله (4) أن يمتنع بهم لفعل - ولم ينههم عن (5) نصرته، ولو كنت وجدت يوم بويع أخو تيم أربعين (6) رجلا مطيعين لجاهدتهم، فأما يوم بويع عمر وعثمان فلا، لأني كنت بايعت ومثلي لا ينكث بيعته.
ويلك - يا بن قيس -! كيف رأيتني صنعت حين قتل عثمان ووجدت أعوانا؟
هل رأيت مني فشلا أو جبنا، أو تقصيرا في وقعتي يوم البصرة وهم حول جملهم الملعون من معه، الملعون من قتل حوله، الملعون من ركبه، الملعون من بقي