إذا تمهدت المقدمات فنقول:
لو كان ما تركه الأنبياء من لدن آدم عليه السلام إلى الخاتم صلى الله عليه وآله صدقة، لقسمت بين الناس بخلاف المعهود من توارث الآباء والأولاد وسائر الأقارب، ولا يخلو الحال إما أن يكون كل نبي يبين هذا الحكم لورثته بخلاف نبينا صلى الله عليه وآله أو يتركون البيان كما تركه صلى الله عليه وآله، فجرى على سنة الذين خلوا من قبله من أنبياء الله عليهم السلام، فإن كان الأول فمع أنه خلاف الظاهر كيف خفي هذا الحكم على جميع أهل الملل والأديان، ولم يسمعه أحد إلا أبو بكر ومن يحذو حذوه، ولم ينقل أحد أن عصا موسى عليه السلام انتقل على وجه الصدقة إلى فلان، وسيف سليمان عليه السلام صار إلى فلان، وكذا ثياب سائر الأنبياء وأسلحتهم وأدواتهم فرقت بين الناس ولم يكن في ورثة أكثر من مائة ألف نبي قوم ينازعون في ذلك، وإن كان بخلاف حكم الله عز وجل وقد كان أولاد يعقوب عليهم السلام - مع علو قدرهم - يحسدون على أخيهم ويلقونه في الجب لما (1) رأوه أحبهم إليه أو وقعت تلك المنازعة كثيرا، ولم ينقلها أحد في الملل السابقة وأرباب السير - مع شدة اعتنائهم بضبط أحوال الأنبياء وخصائصهم - وما جرى بعدهم كما تقدم.
وإن كان الثاني، فكيف كانت حال ورثة الأنبياء؟ أكانوا يرضون بذلك ولا ينكرون؟ فكيف صارت ورثة الأنبياء جميعا يرضون بقول القائمين بالامر مقام الأنبياء ولم يرض [كذا] به سيدة النساء، أو كانت سنة المنازعة جارية في جميع الأمم ولم ينقلها أحد ممن تقدم ولا ذكر من انتقلت تركات الأنبياء إليهم، إن هذا لشئ عجاب!.
وأعجب من ذلك أنهم ينازعون في وجود النص على أمير المؤمنين عليه السلام مع كثرة الناقلين له من يوم السقيفة إلى الآن، ووجود الاخبار في