بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٤٠٦
وكيف يدعى الغلبة في قتل عثمان وعندهم أن الذين تولوا قتله وباشروا حربه نفر من أهل مصر التف إليهم قوم من أوباش المدينة ممن يريد الفتنة ويكره الجماعة و أن أكابر المسلمين ووجوه الصحابة والمهاجرين، وهم أكثر أهل المدينة، وعليهم مدار أمرها، وبهم يتم الحل والعقد فيها، كانوا لذلك كارهين، على من أتاه منكرين، فأي غلبة يكون من القليل على الكثير، والصغير على الكبير، لولا أن أصحابنا يدفعون الكلام في الإمامة بما يسنح ويعرض من غير نكير في عواقبه ونتايجه.
فأما منع عثمان من القتال، فعجيب وأي عذر في منع عثمان لمن قعد عن نصرته وخلا بينه وبين الباغين عليه، والنهي عن المنكر واجب، وكيف لم يمتنع من القتال لأجل منع عثمان منه من كان معه في الدار من أقاربه وعبيده، وهم له أطوع وبأن ينتهوا إلى أمره أولى، وكيف لم يطعه في المنع من المنكر والصبر على إيقاع الفتنة إلا المهاجرون والأنصار، دون أهله وعبيده.
وأما ذكره انكار أمير المؤمنين لذلك، وبعثه الحسن والحسين للنصرة والمعاونة فالمعروف أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان ينكر قتله ويبرء من ذلك في أقوال محفوظة معروفة، لان قتله منكر لا شك فيه ولم يكن لمن تولاه أن يقوم به، فأما حصره ومطالبته بخلع نفسه وتسليم من كان سبب الفتنة، ممن كان في جهته، فما يحفظ عن أمير المؤمنين في ذلك انكار، بل الظاهر أنه كان بذلك راضيا وبخلافه ساخطا و كيف لا يكون كذلك وهو الذي قام بأمره في الدفعة الأولى وتوسط حتى جرى الامر على إرادته بعد أن كاد يخرج الامر إلى ما خرج إليه في المرة الثانية، وضمن عنه لخصومه الأعتاب الجميل، فكان ذلك سببا لتهمته له (عليه السلام) ومشافهته بأنه لا يتهم سواه فمضى (عليه السلام) من فوره، وجلس في بيته، وأغلق بابه.
فأما بعث الحسن والحسين فلا نعرفه في جملة ما يدعى، والذي كان يدعى أنه بعث الحسن (عليه السلام) وفي ذلك نظر ولو سلم لكان إما بعثه للمنع من الانتهاء بالرجل إلى القتل، أو لأنهم كانوا حصروه ومنعوه الطعام والشراب، وفي داره حرم وأطفال
(٤٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 411 ... » »»
الفهرست