لقد رأيت من أصحابي حرصا سيئا وأنا جاعل هذا الامر إلى النفر الستة الذين مات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو عنهم راض، ثم قال لو أدركني أحد رجلين لجعلت هذا الامر إليه، ولوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة وأبو عبيدة بن الجراح.
فقال له رجل يا أمير المؤمنين فأين أنت عن عبد الله بن عمر؟ فقال له: قاتلك الله والله ما أردت الله بهذا، أستخلف رجلا لم يحسن أن يطلق امرأته؟ قال عفان، يعنى بالرجل الذي أشار إليه بعبد الله بن عمر، المغيرة ابن شعبة (1).
وهذا كما ترى تصريح بأن تمنى سالم إنما كان لان يستخلفه كما أنه تمنى أبا عبيدة لذلك فأي تأويل يبقى مع هذا الشرح.
والعجب من أن يكون بحضرته مثل أمير المؤمنين، ومنزلته في خلال الفضل منزلته وباقي أهل الشورى الذي كانوا في الفضل الظاهر على أعلا طبقاته، ثم يتمنى مع ذلك حضور سالم تمنى من لا يجد منه عوضا وإن ذلك لدليل قوي على سوء رأيه في الجماعة (2) ولو كان تمنيه للرأي والمشورة كان يكون أيضا الخطب جليلا، لأنا نعلم أنه لم يكن في هذه الجماعة التي ذكرناها إلا من مولاه يساوي سالما إن لم يفضله في الرأي وجودة التحصيل، فكيف يرغب عنهم في الرأي واختيار من لا يصلح للامر، ويتلهف على حضور من لا يدانيهم في علم ولا رأى، وكل هذه الأخبار إذا سلمت و أحسنا الظن بعمر، دلت على أن الخبر الذي رووه بأن الأئمة من قريش لا أصل له.
فان قيل: كيف تدفعون هذا الخبر وأنتم تقولون بمثل ذلك.
.