بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٣٨١
لا أصل له (1) ثم روى ما روينا منه سابقا من أخبار السقيفة (2) فقال: وقد روى الطبري وغيره خبر السقيفة من طرق مختلفة خالية كلها من ذكر الاحتجاج بالخبر المروى ان الأئمة من قريش، ويدل على ضعفه ما روى عن أبي بكر من قوله عن موته (3):
(١) الشافي: ٣٩٥، تلخيص الشافي ٣ / ٦٠.
(٢) مر متنه في ص ٣٣٠ - ٣٣٧ مما سبق.
(٣) مر مصادره ص ٣١٧ فيما سبق، وقد مر في ص ٢٦١ كلام منافى الذيل تأيدنا من قوله (عليه السلام): " ان الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم لا تصلح على سواهم ولا تصلح الولاة من غيرهم " أن كلام الرسول إنما كان في الولاة والمراد أن بنى عبد المطلب وهم أرحام النبي (صلى الله عليه وآله) هم الذين يلون أمر الناس تحت قيادة وليهم من عترته (صلى الله عليه وآله).
ثم ذكرنا في ص ٣٥١ أن قوله تعالى " وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين " ينص على أن لا ولاية لاحد على أرحامه، سواء كان مهاجريا أو انصاريا أو من سائر المؤمنين إلى الأبد.
فالمسلم أن لهذا الحديث أصلا من القرآن العظيم وبيان الرسول الكريم، فالقرآن هو آية الأحزاب ٦، والحديث قوله (صلى الله عليه وآله) " إنما الولاة من بني هاشم وبنى عبد المطلب " أو كلام مثل هذا لكنهم بدلوه قولا غير الذي قيل لهم ومن يبدل نعمة الله كفرا من بعد ما جاءته فان الله شديد العقاب.
وأما الشواهد التاريخية على ذلك فكثيرة ومما يحضرني الان ما رواه الطبري في تاريخه ٤ / ٢٣٣ في حديث الشورى: "... فقال المقداد: ما رأيت مثل ما أوتى إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم، انى لا عجب من قريش أنهم تركوا رجلا ما أقول إن أحدا أعلم ولا أقضى منه بالعدل، أما والله لو أجد عليه أعوانا، فقال عبد الرحمن: يا مقداد اتق الله فانى خائف عليك الفتنة، فقال رجل للمقداد: رحمك الله من أهل هذا البيت و من هذا الرجل؟ قال: أهل البيت بنو عبد المطلب، والرجل علي بن أبي طالب، فقال على (عليه السلام): ان الناس ينظرون إلى قريش وقريش تنظر إلى بيتها فتقول " ان ولى عليكم بنو هاشم لم تخرج منهم أبدا، وما كانت في غيرهم من قريش تداولتموها بينكم... " والعجب أن شارح النهج ذكر في قصة الشورى هذا الذي رواه الطبري بطوله عن نفس التاريخ، لكن سؤال الرجل عن مقداد وجوابه ساقط عنه ولا أظن في ذلك الا سهو الطابع دون التعمد انشاء الله، والا فشارح النهج قد روى كثيرا من هذا المعنى في غصون كتابه، وهو الذي روى في ٢ / ١٨ أن المغيرة بن شعبة قال لأبي بكر وعمر: " أتريدون أن تنظروا حبل الحبلة من أهل هذا البيت؟ وسعوها في قريش تتسع " (راجع أيضا ص ٢٠٥ ما مر عن الطوسي ره).
ومن الشواهد ما رواه البلاذري في ٥ / ١٧ من أنسابه أن عمر قال لعلي (عليه السلام) " ان وليت من أمر الناس شيئا فلا تحملن بنى عبد المطلب على رقاب الناس " وهكذا روى كلام عمر هذا شارح النهج وقد مر نصه ص ٢٧٤ وروى أيضا في ٢ / ٢٠ و ١ / ٣٤ من شرحه كلاما آخر لعمر يؤيد ما ذكرناه، وأنهم خافوا امارة على لحداثة سنة وحبه بنى عبد المطلب، راجع نصه ص ٢٦٢، ولذلك نفسه ترى عبد الرحمن بن عوف يقول لعلي " عليك عهد الله وميثاقه ان بايعتك أن لا تحمل بنى عبد المطلب على رقاب الناس.. " أنساب الأشراف للبلاذري 5 / 22.
ومن الشواهد ما رواه المفيد في الارشاد 116 والسيد المرتضى في الشافي 442 تلخيص الشافي 4 / 45 ونقله عنه شارح النهج 3 / 172 عن جندب في حديث مبايعة عثمان يوم الشورى وفيه أنه أشار إلى علي أن يقاتلهم ولو بعشرة من أصحابه فقال عليه السلام:
" أو تراه كان تابعي من كل مائة عشرة؟ قلت: لأرجو ذلك، قال: لكني لا أرجو، لا والله ولا من المائة اثنين وسأخبرك من أين ذلك، ان الناس إنما ينظرون إلى قريش فيقولون هم قوم محمد وقبيلته وان قريشا تنظر إلينا فتقول: ان لهم بالنبوة فضلا على سائر قريش وأنهم أولياء هذا الامر، دون قريش والناس، وأنهم ان ولوه لم يخرج هذا السلطان منهم إلى أحد أبدا، ومتى كان في غيرهم تداولتموه بينكم، فلا والله لا تدفع قريش إلينا هذا السلطان طائعة أبدا... الحديث.