بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٣٨٧
وجه لترك النكير هيهنا إلا الرضا؟
فان قيل: ليس الرضا أكثر من ترك النكير، فمتى علمنا ارتفاع النكير، علمنا الرضا.
قلنا: هذا مما قد بينا فساده، وبينا أن ترك النكير ينقسم إلى الرضا وغيره وبعد فما الفرق بين من قال هذا، وبين من قال: " وليس السخط أكثر من ارتفاع الرضا، فمتى لم أعلم الرضا وأتحققه قطعت على السخط " فيجب على من ادعى أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان راضيا، أن ينقل ما يوجب كونه كذلك ولا يعتمد في أنه كان راضيا على أن نكيره ارتفع، فان للمقابل أن يقابل ذلك بما قدمنا ذكره، ويجعل دليل كونه ساخطا ارتفاع رضاه.
فان قال: ليس يجب علينا أن ننقل ما يدل على رضاه أكثر من بيعته وترك نكيره، لأن الظاهر من ذلك يقتضي ما ذكرناه، وعلى من ادعى خلافه، وأن كان مبطنا لخلاف الرضا، أن يدل على ذلك، فإنه خلاف الظاهر.
قيل له: ليس الامر على ما قدرته، لان سخط أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الأصل لأنه لا خلاف بين الأمة في أنه (عليه السلام) سخط الامر وأباه، ونازع فيه، وتأخر عن البيعة، ثم لا خلاف أنه في المستقبل أظهر البيعة ولم يقم على ما كان عليه من إظهار الخلاف والنكير، فنقلنا عن أحد الأصلين اللذين كان عليهما من الامتناع عن البيعة وإظهار الخلاف أمر معلوم، ولم ينقلنا عن الأصل الاخر الذي هو السخط والكراهة شئ، فيجب على من ادعى تغير الحال أن يدل على تغيرها، ويذكر أمرا معلوما يقتضي ذلك، ولا يرجع علينا فيلزمنا أن ندل على ما ذكرنا، لأنا على ما بيناه متمسكون بالأصل المعلوم، وإنما تجب الدلالة على من ادعى تغيير الحال.
وليس له أن يجعل البيعة وترك النكير دلالة الرضا، لأنا قد بينا أن ذلك منقسم، ولا ينقل من المعلوم المتحقق بأمر محتمل.
فان قيل: هذه الطريقة التي سلكتموها توجب الشك في كل اجماع وتمنع
(٣٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 392 ... » »»
الفهرست