بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٨ - الصفحة ٣٨٠
الأمر والنهي والنفع والضر، الذي قد مال إليه أكثر المسلمين، ورضى بإمامته أكثر الأنصار والمهاجرين، يجب طيه وستره، ولا يجوز إذاعته ونشره، والدواعي كلها متوفرة إلى إخفائه، وترك إعلانه، فأين هذا من المعارضة؟
ولو جوزنا في المعارضة أو غيرها من الأمور أن يكون ولا تدعو الدواعي إلى اظهاره، بل إلى طيه ونشره، لم يجب القطع على انتفائه من حيث لم يظهر للكل ولم ينقله الجميع، ولكنا متى وجدنا أيسر رواية في ذلك نمنع لأجلها من القطع على انتفاء ذلك الامر وعلى انه لم يكن وسنشبع الكلام في السبب المانع من اظهار الخلاف واعلان النكير فيما يأتي بمشية الله.
فأما قولهم إن كل من يدعى عليه الخلاف فإنه ثبت عنه قولا وفعلا الرضا بالبيعة، وقد بينا وسنبين أن الامر بخلافه، وأن الذي اعتمدوه من الكف عن النزاع، ليس بدلالة على الرضا لأنه وقع عن أسباب ملجئة، وكذلك سائر ما يدعى من ولاية من تولى من قبل القوم ممن كان مقيما على خلافهم، ومنكرا لأمرهم.
وأما بناؤهم العقد الأول على الثاني، وأنه لما ظهر في الثاني من الرضا والانقياد لطول الأيام وتماديها ما لم يظهر في الأول، جاز أن يجعل أصلا له، فالكلام على العقد الأول الذي ذكرناه مستمر في الثاني بعينه لان خلاف من حكينا خلافه وروينا عنه ما روينا، هو خلاف في العقدين جميعا.
ثم لو سلمنا ارتفاع الخلاف على ما يقترحونه، لكان ذلك لا يدل على الرضا إذا بينا ما أحوج إليه وألجأ إلى استعماله.
فأما قولهم: إن سعدا لا يعتد بخلافه من حيث طلب الإمامة لنفسه وكان مبطلا في ذلك، واستمر على هذه الطريقة، فلا اعتبار بخلافه، فليس بشئ يعول عليه، لان أول ما في ذلك أن الذي ادعوه من " ان الأئمة من قريش " ليس بمقطوع به ولا رواه أحد من أهل السير، وخلاف سعد في الإمامة والأنصار خلاف واحد ونحن نبين ما ذكره أهل السير من خبر السقيفة ليعلم أن ما ادعوه
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»
الفهرست