معاهد، ولكن سلكتم سبيل الظلام، فأظلمت عليكم دنياكم برحبها، وسدت عليكم أبواب العلم، فقلتم بأهوائكم، واختلفتم في دينكم، فأفتيتم في دين الله بغير علم، واتبعتم الغواة فأغوتكم، وتركتم الأئمة فتركوكم، فأصبحتم تحكمون بأهوائكم، إذا ذكر الامر سئلتم أهل الذكر، فإذا أفتوكم قلتم هو العلم بعينه، فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه، رويدا عما قليل تحصدون جميع ما زرعتم، و تجدون وخيم ما اجترمتم، وما اجتلبتم.
والذي فلق الحبة وبرا النسمة، لقد علمتم أني صاحبكم، والذي به أمرتم وأني عالمكم، والذي بعلمه نجاتكم، ووصي نبيكم (صلى الله عليه وآله) وخيرة ربكم، ولسان نوركم، والعالم بما يصلحكم، فعن قليل رويدا ينزل بكم ما وعدتم، وما نزل بالأمم قبلكم، وسيسألكم الله عز وجل عن أئمتكم، معهم تحشرون، وإلى الله عز وجل غدا تصيرون.
أما والله لو كان لي عدة أصحاب طالوت، أو عدة أهل بدر، وهم أعداؤكم لضربتكم بالسيف حتى تؤلوا إلى الحق وتنيبوا للصدق، فكان أرتق للفتق، وآخذ بالرفق، اللهم فاحكم بيننا بالحق وأنت خير الحاكمين.
قال: ثم خرج من المسجد فمر بصيرة فيها نحو من ثلاثين شاة، فقال:
والله لو أن لي رجالا ينصحون لله عز وجل ولرسول الله (صلى الله عليه وآله) بعدد هذه الشياه لا زلت ابن آكلة الذبان عن ملكه.
قال فلما أمسى بايعه ثلاثمائة وستون رجلا على الموت، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) اغدوا بنا إلى أحجار الزيت محلقين وحلق أمير المؤمنين (عليه السلام)، فما وافى من القوم محلقا إلا، أبو ذر والمقداد وحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر، وجاء سلمان في آخر القوم، فرفع يديه إلى السماء فقال: اللهم إن القوم استضعفوني كما استضعفت بنو إسرائيل هارون، اللهم فإنك تعلم ما نخفي وما نعلن، وما يخفى عليك شئ في الأرض ولا في السماء توفني مسلما وألحقني بالصالحين.