عبد الله بن أيوب الأشعري عن أبي عمرو الأوزاعي، عن عمرو بن شمر، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الهيثم بن التيهان أن أمير المؤمنين (عليه السلام) خطب الناس بالمدينة فقال:
الحمد لله الذي لا إله إلا هو كان حيا بلا كيف، ولم يكن له كان، ولا كان لكأنه كيف، ولا كان له أين، ولا كان في شئ، ولا كان علي شئ، ولا ابتدع لكأنه مكانا ولا قوي بعد ما كون شيئا، ولا كان ضعيفا قبل أن يكون شيئا; ولا كان مستوحشا قبل أن يبتدع شيئا، ولا يشبه شيئا ولا كان خلوا عن الملك قبل إنشائه ولا يكون خلوا منه بعد ذهابه.
كان إلها حيا بلا حياة، ومالكا قبل أن ينشأ شيئا، ومالكا بعد إنشائه للكون، وليس يكون لله كيف ولا أين، ولاحد يعرف; ولا شئ يشبهه ولا يهرم لطول بقائه، ولا يضعف لذعره، ولا يخاف كما يخاف خليقته من شئ، ولكن سميع بغير سمع، وبصير بغير بصر، وقوي بغير قوة من خلقه، لا تدركه حدق الناظرين ولا يحيط بسمعه سمع السامعين، إذا أراد شيئا كان، بلا مشورة ولا مظاهرة ولا مخابرة ولا يسأل أحدا عن شئ من خلقه أراده، لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار و هو اللطيف الخبير.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فبلغ الرسالة وأنهج الدلالة (صلى الله عليه وآله).
أيها الأمة التي خدعت فانخدعت، وعرفت خديعة من خدعها فأصرت على ما عرفت، واتبعت أهواءها وضربت في عشواء غوائها، وقد استبان لها الحق فصدعت عنه، والطريق الواضح فتنكبته، أما والذي فلق الحبة وبرا النسمة لو اقتبستم العلم من معدنه وشربتم الماء بعذوبته، وادخرتم الخير من موضعه، وأخذتم من الطريق واضحة، وسلكتم من الحق نهجه لنهجت بكم السبل وبدت لكم الاعلام وأضاء لكم الاسلام، فأكلتم رغدا وما عال فيكم عائل ولا ظلم منكم مسلم ولا