قوله: لم لا يجوز أن يكون المراد هو كون المؤمن مع المعصوم الموجود في كل زمان؟
قلنا: نحن معترف (1) بأنه لابد من معصوم في كل زمان إلا أنا نقول:
إن ذلك المعصوم هو مجموع الأمة، وأنتم تقولون: إن ذلك المعصوم واحد منهم فنقول: هذا الثاني باطل، لأنه تعالى أوجب على كل من المؤمنين أن يكونوا مع الصادقين، وإنما يمكنه ذلك لو كان عالما بأن ذلك الصادق من هو، لان الجاهل بأنه من هو لو كان مأمورا بالكون معه كان ذلك تكليف مالا يطاق، لأنا لا نعلم إنسانا معينا موصوفا بوصف العصمة والعلم، وإنا لا نعلم أن هذا الانسان حاصل بالضرورة، فثبت أن قوله: (كونوا مع الصادقين) ليس أمرا بالكون مع شخص معين، ولما بطل هذا بقي أن المراد منه الكون مع جميع الأمة، وذلك يدل على أن قول مجموع الأمة صواب وحق، ولا نعني بقولنا: الاجماع حجة إلا ذلك انتهى كلامه (2).
والحمد لله الذي حقق الحق بما أجرى على أقلام أعدائه، ألا ترى كيف شيد ما ادعته الامامية بغاية جهده، ثم بأي شئ تمسك في تزييفه والتعامي عن رشده، وهل هذا إلا كمن طرح نفسه في البحر العجاج رجاء أن يتشبث للنجاة بخطوط الأمواج؟ ولنشر إلى شئ مما في كلامه من التهافت والاعوجاج، فنقول:
كلامه فاسد من وجوه: أما أولا فبأنه بعد ما اعترف بأن الله تعالى إنما أمر بذلك لتحفظ الأمة عن الخطأ في كل زمان، فلو كان المراد ما زعمه من الاجماع كيف يحصل العلم بتحقق الاجماع في تلك الاعصار مع انتشار علماء المسلمين في الأمصار وهل يجوز عاقل إمكان الاطلاع على جميع أقوال آحاد المسلمين في تلك الأزمنة؟
ولو تمسك بالاجماع الحاصل في الأزمنة السابقة فقد صرح بأنه لابد في كل زمان من معصوم محفوظ عن الخطاء.