5 - مناقب ابن شهرآشوب: دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليه السلام فسأله عليه السلام عن أشياء لم يعرف الجواب عنها، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن قول الله تعالى: (وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) (1) أي موضع هو؟ قال: هو ما بين مكة والمدينة فقال عليه السلام نشدتكم (2) بالله هل تسيرون بين مكة والمدينة لا تأمنون على دمائكم من القتل، وعلى أموالكم من السرق؟ ثم قال: وأخبرني عن قوله: (ومن دخله كان آمنا) (3) أي موضع هو؟ قال: ذاك بيت الله الحرام، فقال: نشدتكم بالله هل تعلمون أن عبد الله بن الزبير وسعيد بن جبير دخلاه فلم يأمنا القتل؟ قال:
فاعفني يا بن رسول الله (4).
بيان: أقول: التأويل الوارد في تلك الأخبار من غرائب التأويل، ولعل الوجه فيها ما أشرنا إليه مرارا، من أن ما ذكره سبحانه في القرآن الكريم من القصص إنما هو لزجر هذه الأمة (5) عن أشباه أعمالهم وتحذيرهم عن أمثال ما نزل بهم من العقوبات، ولم يقع في الأمم السابقة شئ إلا وقد وقع نظيره في هذه الأمة، كقصة هارون مع العجل والسامري، وما وقع على أمير المؤمنين عليه السلام من أبي بكر وعمر، وكقارون وعثمان، وصفورا والحميراء، وأشباه ذلك مما قد أشرنا إليه في كتاب النبوة، لكن بعضها ظاهر الانطباق على ما مضى، وبعضها يحتاج إلى تنبيه، وأمثال ذلك من القسم الثاني، فإن نظير ما وقع على قوم سبا من حرمانهم لنعم الله تعالى لكفرانهم وتعويضهم بالخمط (6) والأثل أن الله