نري فرعون وهامان وجنودهما (1) منهم ما كانوا يحذرون) أي من القتل والعذاب ولو كانت هذه الآية نزلت في موسى وفرعون لقال: ونري فرعون وهامان وجنودهما منه ما كانوا يحذرون أي من موسى، ولم يقل: منهم، فلما تقدم قوله: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة علمنا أن المخاطبة للنبي صلى الله عليه وآله، وما وعد الله به رسوله، فإنما يكون بعده، والأئمة يكونون من ولده، وإنما ضرب الله هذا المثل لهم في موسى بني إسرائيل وفي أعدائهم بفرعون وهامان وجنودهما فقال: إن فرعون قتل في بني إسرائيل وظلم فأظفر الله (2) موسى بفرعون وأصحابه حتى أهلكهم الله، وكذلك أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله أصابهم من أعدائهم القتل والغصب، ثم يردهم الله ويرد أعداءهم إلى الدنيا حتى يقتلوهم، وقد ضرب أمير المؤمنين عليه السلام في أعدائه مثلا مثل ما ضربه الله لهم في أعدائهم بفرعون وهامان فقال: أيها الناس إن أول من من بغى على الله عز وجل على وجه الأرض عناق ابنة آدم، خلق الله لها عشرين إصبعا في كل (3) إصبع منها ظفران طويلان كالمنجلين العظيمين، وكان مجلسها في الأرض موضع جريب، فلما بغت بعث الله لها أسدا كالفيل وذئبا كالبعير ونسرا كالحمار، وكان ذلك في الخلق الأول، فسلطهم الله عليها فقتلوها، ألا وقد قتل الله فرعون وهامان وخسف بقارون، وإنما هذا مثل أعدائه الذين غصبوا حقه فأهلكهم الله، ثم قال علي على أثر هذا المثل الذي ضربه: وقد كان لي حق حازه دوني من لم يكن له، ولم أكن أشركه فيه، ولا توبة له إلا بكتاب منزل، أو برسول مرسل، وأنى له بالرسالة بعد محمد صلى الله عليه وآله ولا نبي بعد محمد فأنى يتوب وهو في برزخ القيامة، غرته الأماني، وغره بالله الغرور، وقد أشفى على جرف هار فانهار به
(١٦٩)