وأسيد بن حضير قالا (1) لا تبكين امرأة حميمها حتى تأتي فاطمة عليها السلام فتسعدها، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله الواعية على حمزة وهو عند فاطمة عليها السلام على باب المسجد قال: ارجعن رحمكن الله فقد آسيتن بأنفسكن.
ثم كانت غزوة حمراء الأسد، قال أبان بن عثمان: لما كان من الغد من يوم أحد نادى رسول الله صلى الله عليه وآله في المسلمين فأجابوه فخرجوا على علتهم وعلى ما أصابهم من القرح، وقدم عليا بين يديه براية المهاجرين حتى انتهى إلى حمراء الأسد، ثم رجع إلى المدينة فهم الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح، و خرج أبو سفيان حتى انتهى إلى الروحاء فأقام بها وهو يهم بالرجعة على رسول الله صلى الله عليه وآله، ويقول: قد قتلنا صناديد القوم، فلو رجعنا استأصلناهم، فلقي معبدا الخزاعي فقال: ما وراءك يا معبد؟ قال: قد والله تركت محمدا وأصحابه وهم يحرقون عليكم (2)، وهذا علي بن أبي طالب قد أقبل على مقدمته في الناس، وقد اجتمع معه من كان تخلف عنه، وقد دعاني ذلك إلى أن قلت: شعرا، قال أبو سفيان: وماذا قلت؟
قال: قلت:
كانت تهد من الأصوات راحلتي * إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل تردي بأسد كرام لا تنابلة * عند اللقاء ولا خرق معاذيل الأبيات.
فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه، ثم مر به ركب من عبد القيس يريدون الميرة من المدينة فقال لهم: أبلغوا محمدا أني قد أردت الرجعة إلى أصحابه لأستأصلهم، و أوقر لكم ركابكم زبيبا إذا وافيتم عكاظ، فأبلغوا ذلك إليه، وهو بحمراء الأسد، فقال صلى الله عليه وآله والمسلمون معه: حسبنا الله ونعم الوكيل.
ورجع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة يوم الجمعة.