بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ١٠٤
أن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بالجهاد يوم أحد، فخرج الناس سراعا يتمنون لقاء عدوهم وبغوا في منطقهم، وقالوا: والله لئن لقينا عدونا (1) لا نولي حتى يقتل عن آخرنا رجل أو يفتح الله لنا، قال: فلما أتوا إلى (2) القوم ابتلاهم الله بالذي كان منهم ومن بغيهم فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وآله إلا علي بن أبي طالب عليه السلام وأبو دجانة سماك بن خرشة الأنصاري، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ما قد نزل بالناس من الهزيمة والبلاء رفع البيضة عن رأسه وجعل ينادي: " أيها الناس أنا لم أمت ولم اقتل " وجعل الناس يركب بعضهم بعضا لا يلوون على رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يلتفتون (3) إليه، فلم يزالوا كذلك حتى دخلوا المدينة، فلم يكتفوا بالهزيمة حتى قال أفضلهم رجلا في أنفسهم: قتل رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما آيس الرسول من القوم رجع إلى موضعه الذي كان فيه فلم ير إلا علي بن أبي طالب عليه السلام وأبا دجانة الأنصاري رضي الله عنه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا دجانة ذهب الناس فالحق بقومك، فقال أبو دجانة: يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما على هذا بايعناك و بايعنا الله، ولا على هذا خرجنا، يقول الله تعالى: " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم " (4) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا دجانة أنت في حل من بيعتك فارجع، فقال أبو دجانة: يا رسول الله لا تحدث نساء الأنصار في الخدور أني أسلمتك ورغبت بنفسي عن نفسك، يا رسول الله لا خير في العيش بعدك، قال: فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله كلامه ورغبته في الجهاد انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى صخرة فاستتر بها ليتقي بها من السهام سهام المشركين، فلم يلبث أبو دجانة إلا يسيرا حتى أثخن (5) جراحة فتحامل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله

(١) في المصدر: لئن لقينا العدو.
(٢) " ": فلما أتوا القوم.
(٣) ولا يلتفتون خ ل.
(٤) الفتح: ١٠.
(5) أثخنته الجراحة: أوهنته وأضعفته (فاثخن).
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»
الفهرست