بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٩٧
لا أريد غيره، ولا أطمع في محمد، وقلت لعلي أصيب من علي أو حمزة غرة فأزرقه، وكنت لا أخطئ في رمي الحراب تعلمته من الحبشة في أرضها، وكان حمزة يحمل حملاته، ثم يرجع إلى موقفه. قال أبو عبد الله عليه السلام وزرقه وحشي فوق الثدي فسقط، وشدوا عليه فقتلوه، فأخذ وحشي الكبد فشد بها إلى هند بنت عتبة فأخذتها فطرحتها في فيها، فصارت مثل الداغصة فلفظتها.
وقال: وكان الحليس بن علقمة (1) نظر إلى أبي سفيان وهو على فرس وبيده رمح يجأبه في شدق حمزة فقال: يا معشر بني كنانة انظروا إلى من يزعم أنه سيد قريش ما يصنع بابن عمه الذي قد صار لحما؟ وأبو سفيان يقول: ذق عقق، فقال أبو سفيان: صدقت إنما كانت مني زلة اكتمها علي.
قال: وقام أبو سفيان فنادى بعض المسلمين: أحي ابن أبي كبشة؟ فأما ابن أبي طالب عليه السلام فقد رأيناه مكانه، فقال علي: إي والذي بعثه بالحق إنه ليسمع كلامك، قال: إنه قد كانت في قتلاكم مثله، والله ما أمرت ولا نهيت، إن ميعادنا بيننا وبينكم موسم بدر في قابل هذا الشهر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: قل: نعم، فقال:
نعم، فقال أبو سفيان لعلي: إن ابن قميئة أخبرني أنه قتل محمدا وأنت أصدق عندي منه وأبر، ثم ولى إلى أصحابه وقال: اتخذوا الليل جملا وانصرفوا.
ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا فقال: اتبعهم فانظر أين يريدون فإن كانوا ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة، وإن كانوا ركبوا الإبل و ساقوا الخيل فهم متوجهون إلى مكة.
وقيل: إنه بعث لذلك سعد بن أبي وقاص.
فرجع فقال: رأيت خيلهم تضرب بأذنابها مجنوبة مدبرة، ورأيت القوم قد تجملوا سائرين، فطابت أنفس المسلمين بذهاب العدو فانتشروا يتتبعون قتلاهم، فلم يجدوا قتيلا إلا وقد مثلوا به إلا حنظلة بن أبي عامر كان أبوه مع المشركين فترك له، ووجدوا حمزة قد شق بطنه، وجدع أنفه، وقطعت أذناه، واخذ كبده

(1) في السيرة: الحليس بن زبان أخو بنى الحارث بن عبد مناة. وهو يومئذ سيد الأحابيش.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست