بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٩٤
يؤمئذ أبو سفيان بن حرب، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يؤمئذ سبعمائة، والمشركون ألفين، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أن استشار أصحابه وكان رأيه صلى الله عليه وآله أن يقاتل الرجال على أفواه السكك، ويرمي الضعفاء من فوق البيوت فأبوا إلا الخروج إليهم، فلما صار على الطريق قالوا: نرجع، فقال: ما كان لنبي إذا قصد قوما أن يرجع عنهم، وكانوا ألف رجل، فلما كانوا في بعض الطريق انخزل عنهم عبد الله بن أبي بثلث الناس، وقال (1): والله ما ندري على ما نقتل أنفسنا والقوم قومه؟ وهمت بنو حارثة وبنو سلمة بالرجوع، ثم عصمهم الله عز وجل، وهو قوله: " إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا (2) " الآية.
وأصبح رسول الله صلى الله عليه وآله متهيأ للقتال وجعل على راية المهاجرين عليا عليه السلام، وعلى راية الأنصار سعد بن عبادة، وقعد رسول الله صلى الله عليه وآله في راية الأنصار، ثم مر صلى الله عليه وآله على الرماة وكانوا خمسين رجلا وعليهم عبد الله بن جبير فوعظهم وذكرهم، وقال: " اتقوا الله واصبروا، وإن رأيتمونا يخطفنا الطير (3) فلا تبرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم " وأقامهم عند رأس الشعب، وكانت الهزيمة على المشركين، و حسهم المسلمون بالسيوف حسا، فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمة ظهر أصحابكم (4) فما تنتظرون؟ فقال عبد الله: أنسيتم قول رسول الله صلى الله عليه وآله؟ أما أنا فلا أبرح موقفي الذي عهد إلي فيه رسول الله ما عهد، فتركوا أمره وعصوه بعدما رأوا ما يحبون، وأقبلوا على الغنائم، فخرج كمين المشركين عليهم خالد بن الوليد فانتهى إلى عبد الله بن جبير فقتله، ثم أتى الناس من أدبارهم، ووضع في المسلمين السلاح فانهزموا، وصاح إبليس لعنه الله: وقتل محمد ورسول الله يدعوهم في أخراهم: " أيها الناس إني رسول الله (5) إن الله قد وعدني النصر فإلى أين الفرار "؟ فيسمعون الصوت

(1) في المصدر: وقالوا.
(2) ذكرنا في صدر الباب موضع الآية.
(3) في المصدر: يخطفنا المشركون.
(4) قال المصنف في الهامش: ظهر أصحابكم أي غلبوا عليها.
(5) في المصدر: انا رسول الله.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست