بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٣٣٧
ميمونة بنت الحارث العامرية فخطبها صلى الله عليه وآله فجعلت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب، وكانت تحته أختها أم الفضل بنت الحارث، فزوجها العباس من رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أصحابه فقال: " اكشفوا عن المناكب واسعوا في الطواف " ليرى المشركون جلدهم وقوتهم، فاستكف أهل مكة الرجال والنساء والصبيان ينظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وهم يطوفون بالبيت، وعبد الله بن رواحة يرتجز بين يدي رسول الله متوشحا بالسيف يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله * قد أنزل الرحمن في تنزيله في صحف تتلى على رسوله * اليوم نضربكم على تأويله كما ضربناكم على تنزيله * ضربا يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله * يا رب إني مؤمن بقيله إني رأيت الحق في قبوله ويشير بيده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنزل الله في تلك العمرة: " الشهر الحرام بالشهر الحرام " وهو أن رسول الله صلى الله عليه وآله اعتمر في الشهر الحرام الذي صد فيه (1).
وقال في قوله تعالى: " إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات ": قال ابن عباس:
صالح رسول الله صلى الله عليه وآله بالحديبية مشركي مكة على أن من أتاه من أهل مكة رده عليهم ومن أتى أهل مكة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فهو لهم ولم يردوه عليه، وكتبوا بذلك كتابا وختموا عليه، فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب والنبي صلى الله عليه وآله بالحديبية، فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم - وقال مقاتل: هو صيفي بن الراهب - في طلبها، وكان كافرا، فقال: يا محمد أردد علي امرأتي فإنك قد شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا، وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد فنزلت الآية: " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات " من دار الكفر إلى دار الاسلام " فامتحنوهن " قال ابن عباس: امتحانهن، إن يستحلفن ما خرجن

(1) مجمع البيان 9: 127.
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»
الفهرست