بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ١٠٦
ثم دار خلفه فألقى رسول الله صلى الله عليه وآله عن كتفه الإزار، فنظر سلمان إلى خاتم النبوة و الشامة (1) فأقبل يقبلها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: من أنت؟ قال: أنا رجل من أهل فارس قد خرجت من بلادي منذ كذا وكذا، وحدثه بحديثه.
وله حديث فيه طول (2).
فأسلم وبشره رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: أبشر واصبر فإن الله سيجعل لك فرجا من هذا اليهودي.
فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وآله فارقه أبو بكر، ودخل المدينة، ونزل على بعض الأنصار، وبقي رسول الله صلى الله عليه وآله بقباء نازلا على كلثوم بن الهدم (3).
فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله المغرب والعشاء الآخرة جاءه أسعد بن زرارة مقنعا فسلم على رسول الله وفرح بقدومه ثم قال: يا رسول الله ما ظننت أن أسمع بك في مكان فأقعد عنك، إلا أن بيننا وبين إخواننا من الأوس ما تعلم، فكرهت أن آتيهم، فلما أن كان هذا الوقت لم أحتمل أن أقعد عنك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للأوس: من يجيره منكم؟ فقالوا: يا رسول الله جوارنا في جوارك فأجره، قال: لا بل يجيره بعضكم فقال عويم بن ساعدة وسعد بن خيثمة: نحن نجيره يا رسول الله، فأجاروه، وكان يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيتحدث عنده ويصلي خلفه، فبقي رسول الله خمسة عشر يوما فجاءه أبو بكر فقال: يا رسول الله تدخل المدينة فإن القوم متشوقون إلى نزولك عليهم، فقال صلى الله عليه وآله: لا أريم من هذا المكان حتى يوافي أخي علي عليه السلام، وكان رسول الله قد بعث إليه أن احمل العيال وأقدم، فقال أبو بكر: ما أحسب عليا يوافي قال: بلى ما أسرعه إن شاء الله، فبقي خمسة عشر يوما فوافى علي عليه السلام بعياله (4).

(1) الشامة: الخال. وهو بثرة سوداء في البدن.
(2) يأتي انشاء الله في موضعه.
(3) في المصدر: نازلا على بيت كلثوم.
(4) في إمتاع الأسماع: 48، وقدم علي رضي الله عنه من مكة للنصف من ربيع الأول ورسول الله صلى الله عليه وآله بقباء لم يرم بعد، وقدم معه صهيب، وذلك بعد ما أدى على عن رسول الله صلى الله عليه وآله الودائع التي كانت عنده، وبعد ما كان يسير الليل ويكمن النهار حتى تقطرت قدماه، فاعتنقه النبي صلى الله عليه وآله وبكى رحمة لما بقدميه من الورم، وتفل في يديه و أمرهما على قدميه فلم يشتكهما بعد ذلك حتى قتل رضي الله عنه، ونزل على كلثوم بن الهدم و قيل: على امرأة، والراجح انه نزل مع النبي صلى الله عليه وآله انتهى. أقول: لعل الصحيح أن عليا عليه السلام قدم للنصف من الربيع على ما في كلام المقريزي، ويؤيده ما في سيرة ابن هشام وتاريخ الطبري من أن عليا عليه السلام أقام بمكة ثلاث ليال وأيامها حتى أدى الودائع ثم لحق برسول الله صلى الله عليه وآله فنزل معه على كلثوم بن هدم ويؤيده أيضا ما ذكره ابن هشام والطبري أن النبي صلى الله عليه وآله أقام في بنى عمرو بن عوف يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وأسس مسجده مع أنهما صرحا بأن عليا عليه السلام شاركه في بناء المسجد وكان يرتجز ويقول:
لا يستوى من يعمر المساجدا * يدأب فيها قائما وقاعدا ومن يرى عن الغبار حائدا وسيأتي في الاخبار التصريح به أيضا.
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»
الفهرست