بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٩ - الصفحة ٣
لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد * وأحببته حب الحبيب المواصل وجدت بنفسي دونه وحميته * ودارأت (1) عنه بالذرى والكواهل (2) فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها * وشيئا لمن عادى وزين المحافل حليما رشيدا حازما غير طائش * يوالي إله الحق ليس بما حل (3) فأيده رب العباد بنصره * وأظهر دينا حقه غير باطل فلما سمعوا هذه القصيدة آيسوا منه، وكان أبو العاص بن الربيع - وهو ختن رسول الله - يأتي بالعير بالليل عليها البر والتمر إلى باب الشعب، ثم يصيح بها فتدخل الشعب فيأكله بنو هاشم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لقد صاهرنا أبو العاص فأحمدنا صهره، لقد كان يعمد إلى العير ونحن في الحصار فيرسلها في الشعب ليلا " ولما أتى على رسول الله في الشعب أربع سنين بعث الله على صحيفتهم القاطعة دابة الأرض فلحست جميع ما فيها من قطيعة وظلم، (4) وتركت " باسمك اللهم (5) " ونزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره بذلك، فأخبر رسول الله أبا طالب، فقام أبو طالب ولبس ثيابه ثم مشى حتى دخل المسجد على قريش وهم مجتمعون فيه، فلما أبصروه قالوا: قد ضجر أبو طالب، وجاء الآن ليسلم ابن أخيه، فدنا منهم وسلم عليهم فقاموا إليه وعظموه وقالوا: قد علمنا يا أبا طالب أنك أردت مواصلتنا، والرجوع إلى جماعتنا، وأن تسلم ابن أخيك إلينا، قال: والله ما جئت لهذا، ولكن ابن أخي أخبرني ولم يكذبني أن الله تعالى أخبره أنه بعث على صحيفتكم القاطعة دابة الأرض فلحست

(١) أي دافعت عنه.
(٢) في نسخة: والكواكل. أقول: الذرى: أعلى الشئ، أراد به الرؤوس، والكواهل جمع الكاهل: أعلى الظهر مما يلي العنق. والكلاكل جمع الكلكل: الصدر أو ما بين الترقوتين.
(٣) في النهاية: وما حل مصدق أي خصم يجادل، وقيل: ساع، من قولهم: محل بفلان:
إذا سعى به إلى السلطان:
(4) في المصدر: من قطيعة رحم وظلم وجور، وتركت اسم الله.
(5) في نسخة: باسم إله.
(٣)
الفهرست