بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٧ - الصفحة ٧٨
وليس هذا من صفات النبي صلى الله عليه وآله في قرآن ولا خبر مع الأعداء المباينين (1)، فضلا عن المؤمنين المسترشدين، ثم وصفه بأنه يتصدى للأغنياء، ويتلهى عن الفقراء، وهذا مما لا يصف به نبينا صلى الله عليه وآله من يعرفه، فليس هذا مشبها لأخلاقه الواسعة وتحننه إلى قومه، وتعطفه، وكيف يقول له صلى الله عليه وآله: " وما عليك ألا يزكى " وهو صلى الله عليه وآله مبعوث للدعاء والتنبيه؟ وكيف لا يكون ذلك عليه وكان هذا القول إغراء بترك الحرص على إيمان قومه؟ وقد قيل: إن هذه السورة نزلت في رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كان منه هذا الفعل المنعوت فيها، ونحن وإن شككنا في عين من نزلت فيه فلا ينبغي أن نشك في أنها لم يعن بها النبي صلى الله عليه وآله، وأي تنفير أبلغ من العبوس في وجوه المؤمنين، و التلهي عنهم، والاقبال على الأغنياء الكافرين (2)؟ وقد نزه الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله عما دون هذا في التنفير بكثير انتهى (3).
أقول: بعد تسليم نزولها فيه صلى الله عليه وآله كان العتاب على ترك الأولى، أو المقصود منه إيذاء الكفار وقطع أطماعهم عن موافقة النبي صلى الله عليه وآله لهم، وذمهم على تحقير المؤمنين كما مر مرارا.
1 - تفسير علي بن إبراهيم: قوله: " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق (4) " الآية فإنه كان سبب نزولها أن قوما من الأنصار من بني أبيرق (5) اخوة ثلاثة كانوا منافقين: بشير، ومبشر، وبشر، فنقبوا على عم قتادة بن النعمان وكان قتادة بدريا، وأخرجوا طعاما كان أعده لعياله، وسيفا ودرعا، فشكا قتادة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله إن قوما انقبوا (6) على عمي وأخذوا طعاما كان أعده لعياله، ودرعا وسيفا وهم أهل بيت سوء، وكان معهم في الرأي رجل مؤمن يقال له: لبيد بن سهل، فقال بنوا بيرق لقتادة: هذا عمل لبيد بن سهل، فبلغ ذلك

(١) في المصدر: المنابذين.
(٢) زاد في المصدر: والتصدي لهم.
(٣) تنزيه الأنبياء: ١١٨ و ١١٩.
(٤) النساء: ١٠٥.
(5) بنو أبيرق: بطن من الأنصار، من الأزد، من القحطانية.
(6) هكذا في نسخة المصنف، وفى غيرها وفى المصدر: نقبوا وهو الصحيح.
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 باب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض إليه صلى الله عليه وآله وفيه 29 حديثا. 1
3 باب 14: باب العشرة معه وتفخيمه وتوقيره في حياته وبعد وفاته صلى الله عليه وآله وفيه 16 حديثا. 15
4 باب 15: عصمته وتأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك فيه 21 حديثا. 34
5 باب 16: سهوه ونومه صلى الله عليه وآله عن الصلاة، فيه 17 حديثا. 97
6 باب 17: علمه صلى الله عليه وآله وما دفع إليه من الكتب والوصايا وآثار الأنبياء عليهم السلام ومن دفعه إليه وعرض الأعمال عليه وعرض أمته عليه وأنه يقدر على معجزات الأنبياء فيه 62 حديثا. 130
7 باب 18: فصاحته وبلاغته صلى الله عليه وآله فيه حديثان. 156
8 * أبواب معجزاته صلى الله عليه وآله * باب 1: إعجاز أم المعجزات: القرآن الكريم وفيه بيان حقيقة الإعجاز وبعض النوادر. فيه 24 حديثا. 159
9 باب 2: جوامع معجزاته صلى الله عليه وآله ونوادرها. فيه 18 حديثا. 225
10 باب 3: ما ظهر له صلى الله عليه وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية والغرائب العلوية من انشقاق القمر و رد الشمس وحبسها وإضلال الغمامة وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات فيه 19 حديثا. 347
11 باب 4: معجزاته صلى الله عليه وآله في إطاعة الأرضيات من الجمادات والنباتات له وتكلمها معه صلى الله عليه وآله. فيه 59 حديثا. 363
12 باب 5: ما ظهر من إعجازه صلى الله عليه وآله في الحيوانات بأنواعها وإخبارها بحقيته، وفيه كلام الشاة المسمومة زائدا على ما مر في باب جوامع المعجزات. فيه 47 حديثا. 390