لبيدا فأخذ سيفه وخرج عليهم فقال: يا بني أبيرق أترمونني بالسرق (1) وأنتم أولى به مني؟ وأنتم المنافقون تهجون رسول الله صلى الله عليه وآله وتنسبونه إلى قريش، لتبينن ذلك أو لأملأن سيفي منكم، فداروه فقالوا له (2): ارجع رحمك الله (3) فإنك برئ من ذلك، فمشى بنو أبيرق إلى رجل من رهطهم يقال له: أسيد بن عروة، وكان منطيقا (4) بليغا، فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إن قتادة بن النعمان عمد إلى أهل بيت منا أهل شرف وحسب ونسب فرماهم بالسرق، وأنبهم (5) بما ليس فيهم، فاغتم رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك وجاء إليه قتادة فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: عمدت إلى أهل بيت شرف وحسب ونسب فرميتهم بالسرقة؟ فعاتبه (6) عتابا شديدا، فاغتم قتادة من ذلك ورجع إلى عمه وقال: ليتني مت ولم أكلم رسول الله صلى الله عليه وآله، فقد كلمني بما كرهته، فقال عمه: الله المستعان، فأنزل الله في ذلك على نبيه صلى الله عليه وآله: " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق " إلى قوله: " وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول " يعني الفعل، فوقع القول مقام الفعل، ثم قال: " ثم يرم به بريئا " لبيد بن سهل.
وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن أناسا من رهط بشير الادنين قالوا:
انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله نكلمه في صاحبنا ونعذره فإن صاحبنا برئ، فلما أنزل الله " يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم " إلى قوله: " وكيلا " (7) فأقبلت رهط بشير فقالوا: يا بشير استغفر الله وتب (8) من الذنب، فقال: والذي أحلف به ما سرقها إلا لبيد فنزلت: " ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا (9) "